46
المحرومين لا من المقلين ولا من المستكثرين، ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور. وأما قوله: "بالله عليك أيها المنصف هكذا تكون الدعوة إلى الله، وهكذا سيرة محمد ﷺ "إلى آخر كلامه. فأقول: نعم هكذا تكون الدعوة إلى الله، وهكذا سيرة محمد ﷺ، فمن كان له إطلاع، ومعرفة بكلام الله، ورسوله، وكلام العلماء يعرف ما ذكرناه أنه من سيرة رسول الله ﷺ وسيرة أصحابه، وسيرة السلف الصالح، وأما من جهل ذلك ولم يكن لديه معرفة ولا إلمام فإنه ينكر هذا، ويظن أنه خلاف سنة رسول الله ﷺ وسيرته ودعوته. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الهدي النبوي: وفي نهي النبي ﷺ عن كلام هؤلاء الثلاثة من بين سائر من تخلف دليل على صدقهم، وتكذيب الباقين، فأراد هجر الصادقين، وتأديبهم على هذا الذنب، وأما المنافقون فجرمهم أعظم من أن يقابل بالهجر، فدواء هذا المرض لا يعمل في مرض النفاق، ولا فائدة فيه، هكذا يفعل الرب بعباده في عقوبات جرائمهم، فيؤدب عبده المؤمن الذي يحبه وهو كريم عنده بأدنى زلة وهفوة، فلا يزال مستيقظًا حذرًا، وأما من سقط من عينه، وهان عليه فإنه يخلي بينه وبين معاصيه، وكلما أحدث ذنبًا أحدث الله له نعمة، والمغرور يظن أن ذلك من كرامته عليه، ولا يعلم أن ذلك عين الإهانة، وأنه يريد به العذاب

1 / 49