والحق يرجع إليه لا محالة كما قال البيضاوي في تفسير سورة يونس عند قوله تعالى: {لا تبديل لكلمات الله} [الآية: 64] لا تغيير لأقواله ولا إخلاف لمواعيده، ودعواه في سورة قاف أن الوعيد مخصوص من عموم {ما يبدل القول لدي} باطلة؛ لأن ما بالمدح لا يتغير ولأدائه إلى بدو البدوات وما مر، وإذا تغير ما في اللوح فقد تغير العلم الأزلي، وذلك باطل وأيضا كتابة شيء ليس في العلم سفه وكذب تعالى عنهما، ولا يخلو محو الشقاوة من اللوح إما معلوما أزليا فهذا خلف، أو غير معلوم فجهالة تعالى الله عن ذلك، ولا وجه لحمل الآية على محو الشقاوة مع استحالته عندنا أو مع تعسره ولو عند القائل مع <ج1/ 51> توجهه إلى محو السيئات وعلى نسخ ما ينسخ من الشرائع، وعلى محو ما لا يكون ذنبا ولا حسنة على أن المراد المحو من ديوان الحفظة وعلى محو الحي بالإماتة ونحو ذلك.
قال صلى الله عليه وسلم: «إذا مضى على النطفة خمس وأربعون ليلة يدخل الملك ويقول: يا رب أذكر أم أنثى؟» ... الحديث وفيه: «ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقص منها». ولا يصيبكم ضعف في المسألة، فإن تبديل ما قضى الله كفر، ولا يخفى أن اعتقاد ذلك تشبيه بالمخلوق وهو منكر إجماعا، وإن إبطال تلك الدعوى من الأصول، ويعرف الشيء أنه من الأصول بأن تكون مخالفته فادحة في التوحيد أو ما جرى مجرى ذلك؛ فلذلك قلت: إن نفي بقاء الخلود وإثبات كون الصراط على ظاهره من الفروع، وإنما يتبرأ من مدعيهما بغير ذلك من مخالفة الأصول. نعم، الدعاء بهما أمارة على مخالفة الأصول، وقد اختلفوا هل يبرأ بالعلامة؟ والله أعلم.
وعنه: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
صفحه ۴۹