أما بعد: فسلام من كاتبه لأوسط ذي الحجة من عام 1316 من أمحمد بن الحاج يوسف اطفيش المغربي الوهبي الإباضي المتبرئ من حين بلغ الحلم إلى الآن وإلى الممات من ديانة غير الإسلام من سائر الملل المتنزه منها المتباعد عنها، على إخواننا في الله العالم العامل الصادق في أخوة الدين والدنيا سالم بن محمد بن سالم. فرحت جدا بما وصلني منك ورد سرور أفراحك أفرحك الله في الدنيا والآخرة، وضاق قلبي بالنسبة إلى القائل بالرؤية فإنها بهتان عظيم، أماتنا الله على ديانة الإباضية الوهبية بقلب سليم جعلك الله وإيانا. كيف يدعي مسلم رؤية الباري بعينه وقلبه؟ فرؤيته ولو بقلبه تثبت تصويره، وتصوره مناف لقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [سورة الشورى: 11] وكيف يقول عاقل: صفات الله عز وجل زائدة عنه مع أن هذا يوجب الاحتياج إلى ما يفعل به، ولا يخفى أن ما به العمل غير العامل، قال ابن العربي - وهو الأندلسي - ردا عليهم وناصرا لديانتنا: إن صفات الله ذاتية وهي هو لا غيره. قال لا فرق بين من يقول: إنها غيره وبين من يقول: إن الله فقير ونحن أغنياء إلا تحسين العبارة بترك لفظ الفقر. واعلم يا أخي أن مسائل الديانات ألفها الشيخ عامر وصاحب الوضع والشيخ تبغورين وشرحتها واختصرتها وشرحها من قبلي وحشى عليها وأمعن صاحب مشارق الأنوار في بيان ما ذكره منها، ونشرت ما ألف في بلادنا هذه وتزاحموا عليه، وذكرت بعضها في تفسيري، فلما قرأوا على العامة ذلك، وفسرت لهم فأكثروا لهم الدرس في مواضع من أزمنة كثيرة باتفاق قد طال ذكرنا مسائل الرؤية <1/ 40> ونحوها في تفسيرنا إياها والرد على المخالفين فيها وأخذ الاشتغال بذلك كثيرا من أعمارنا. وأما الاختصار بحيث لا يجد الخصم مدخلا في كل نوع، وربما تفرغت لذلك إن شاء الله.
صفحه ۳۷