ضخم البطن، عريض المنكبين، شثن الكفين أغيد كأن عنقه إبريق فضة، أصلع كث اللحية، لمنكبيه مشاش كمشاش السبع الضاري لا يبين عضده من ساعده، وقد أدمجت ادماجا، أن أمسك بذراع رجل أمسك بنفسه فلم يستطع ان يتنفس، شديد الساعد واليد، إذا مشى إلى الحرب هرول، ثبت الجنان، قوي شجاع منصور على من لاقاه.
وقال معاوية لضرار بن ضمرة: صف لي عليا، قال: اعفني قال لتصفنه قال: أما إذ لا بد فإنه والله كان بعيد المدى شديد القوى، يقول فصلا ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويأنس بالليل ووحشته وكان غزير الدمعة طويل الفكرة يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب وكان فينا كأحدنا، مجيب إذا سألناه، ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا، لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظم أهل الدين ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله، فاشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه قابضا على لحيته، ويتململ تململ السليم (وهو اللذيع) ويبكي بكاء الحزين وهو يقول يا دنيا غري غيري، أبي تعرضت أم إلى تشوقت، هيهات هيهات قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك فعمرك قصير وخطرك كبير، وعيشك حقير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزن من ذبح ولدها بحجرها فهي لا ترقى عبرتها ولا يسكن حزنها.
صفحه ۷۶