ونقل الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار عن هند بنت الجون قالت: نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خيمة خالتها أم معبد، فقام من رقدته فدعا بماء فغسل يديه ثم تمضمض ومج في عوسجة [1] إلى جانب الخيمة فأصبحنا وهي كأعظم دوحة [2]، وجاءت بثمر كأعظم ما يكون في لون الورس [3] ورايحة العنبر وطعم الشهد، ما أكل منها جائع إلا وشبع، ولا ظمآن إلا روي، ولا سقيم إلا برىء، وما أكل من ورقها بعير ولا شاة إلا در لبنها، وكنا نسميها المباركة وينتابنا [4] من البوادي من يستشفي بورقها ويتزود منها حتى أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها وصغر ورقها، ففزعنا، فما راعنا إلا نعي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم إنها بعد ثلاثين سنة أصبحت ذات شوك، من أسفلها إلى أعلاها وتساقط ثمرها فذهب، فما شعرنا إلا بمقتل أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فما أثمرت بعد ذلك وكنا ننتفع بورقها، ثم أصبحنا وإذا بها قد نبع من ساقها دم عبيط وقد ذبل ورقها [5]، فبينا نحن فزعون مهمومون إذ أتانا مقتل الحسين (عليه السلام) ويبست الشجرة على أثر ذلك وذهبت، والعجب كيف لم يشتهر أمر هذه الشجرة كما اشتهر أمر الشاة في قصة هي من أعلام القصص (آخر كلامه).
ومنها حديث سراقة حين أدركه عند توجهه مهاجرا إلى المدينة ليتقرب إلى قريش بأخذه وقتله، فلما ظن أنه نال غرضه دعا عليه فساخت قوائم فرسه في الأرض حتى تغيبت بأجمعها وهو بموضع جدب [6] وقاع صفصف [7]، فقال: يا محمد ادع ربك يطلق قوائم فرسي ولك ذمة الله علي أن لا أدل عليك أحدا، فدعا له فوثب كأنما
صفحه ۴۸