سوداء وعليها شعرات فوقع إلى الأرض مغشيا عليه فتعجبت منه قريش وضحكوا، فقال: أتضحكون هذا نبي السيف وليبيرنكم - بار فلان إذا هلك وأباره الله أهلكه - وقد ذهبت النبوة من بني إسرائيل إلى الأبد، فتفرقوا يتحدثون بما قال.
وفي التوراة ما حكاه لي بعض اليهود ورأيته أنا في توراة معربة وقد نقله الرواة أيضا (إسماعيل قبلت صلاته وباركت فيه وأنميته وكثرت عدده بمادماد) معناه بمحمد، وعدد حروفه اثنان وتسعون حرفا سأخرج اثنى عشر إماما ملكا من نسله وأعطيه قوما كثير العدد، وأول هذا الفصل بالعبري لاشموعيل شمعيثو خو.
ولما سافر أبو طالب إلى الشام قال: يا عم إلى من تكلني ولا أب لي ولا أم؟ فرق له فقال: والله لأخرجنك معي ولا تفارقني أبدا، ولما وصل معه إلى بصرى رآه بحيراء الراهب عن بعد والغمامة تظله، فصنع لقريش طعاما ودعاهم ولم يكن له عادة بذلك، فحضروه وتأخر صلى الله عليه وآله لصغر سنه، فقال:
هل بقى منكم أحد؟ فقالوا: نعم صبي صغير فقال: أريده فلما أكلوا وانصرفوا خلا به وبعمه وقال: يا غلام أسألك باللات والعزى - لأنه سمعهم يحلفون بهما - فقال: لا تسألني بها فوالله ما أبغضت شيئا كبغضي لهما، فسأله عن أشياء من حاله ويقظته ومنامه وأموره، فأخبره بما وافق ما عنده من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على الصفة التي يعرفها، فقال لأبي طالب: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني؟ قال: ليس ابنك وما يكون أبوه حيا، قال ابن أخي قال: وما فعل أبوه؟ قال: مات وأمه حبلى به قال: صدقت ارجع بابن أخيك واحفظه من اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت منه ليبغينه شرا فإنه صلى الله عليه وآله كائن له شأن، ولما عاد به
صفحه ۲۲