وتمتمت لغير ما سبب واضح: الحب ... الحب.
فقالت بأسى: طالما تمتعنا بحب من نحب، ولكن لا يخلد من الحب إلا الخيبة. - الخيبة؟ - هي الحب الذي ينجو من مخالب الواقع ويبقى أملا خلابا.
فبحذر سألت: هل خاب لك حب؟ - ليس ذلك تماما، ولكن الحب يتدلل أحيانا. - أحدث ذلك أيام المجد؟ - قد يحدث في أي يوم.
تشوفت إلى سماع المزيد، ولكنها تجاهلت رغبتي ولحظت بطرف عينها زين العابدين عبد الله وقالت: انظر إليه، إنه يحبني، ماذا يريد؟ يقترح مشاركتي في المقهى وتحويله إلى مطعم، ولكنه يطمع أولا في فراشي! - إنه مكتنز بالدهن. - أحلام لن تتحقق. - لعله غني؟ - البركة في أموال الدولة!
فاتجه رأسي بحركة تلقائية نحو عارف سليمان الساقي ولكنها قالت: ذاك اختلس من أجل الحب، أما زين العابدين فينهب من أجل الطمع والطموح، إنهم أنواع يا عزيزي، منهم من يأخذ لضرورة العيش لتقصير الحكومة في حقهم، ومنهم الطامحون، ومنهم من يأخذ اقتداء بالآخرين! وبين هؤلاء وأولئك يجن الشبان المساكين.
فقلت بإصرار: نعود إلى موضوعنا الأصلي.
فقالت بتحد: أنت تعلم أنني أحب!
وكنت قد لاحظت أمورا فضبطتني متلبسا بمراقبتها فقالت: لا تسألني عنه فلست غبيا.
فقلت باسما: حلمي حمادة؟!
فمضت دون استئذان إلى كرسي الإدارة، ومن هناك رمتني بابتسامة عذبة. خيل إلي في وقت من الأوقات أنه إسماعيل الشيخ، وسرعان ما اكتشفت علاقته الحميمة بزينب دياب، ثم وضح الأمر، وحلمي حمادة فتى رشيق، ووسيم أيضا، وذو مناقشات عصبية. وقد اعترفت لي قرنفلة بأنها هي التي بادأته بالغزل، وأمام رفاقه أيضا، وتابعت مرة رأيا سياسيا يدلي به ثم هتفت له، وهي جالسة على مقربة منه: ليحي كل من تريد له الحياة، وليمت من تريد له الموت!
صفحه نامشخص