کراهت و دوستی، ناز و نیاز، عشق و ازدواج
كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج
ژانرها
لم يسبق لي بالمرة أن فكرت في ألفريدا كشخص له والدان؛ فقد رحلت أمها عن الحياة منذ زمن طويل، وقد تعهدت بتربيتها جدتي، التي كانت خالتها.
قالت ألفريدا: «كلها أشياء تخص أبي وأمي، وحين رحل أبي احتفظت جدتك بكل الأشياء لأنها قالت إنه ينبغي أن تكون لي عندما أكبر، وهكذا ها هي هنا. ما كان لي أن أخيب أملها بعد أن تجشمت ذلك العناء.»
الآن يحضرني ذلك الجانب من حياة ألفريدا الذي كنت قد نسيته تماما؛ فقد تزوج والدها من جديد. ترك المزرعة وحصل على وظيفة في السكك الحديدة، وأنجب أطفالا آخرين، وراحت أسرته تنتقل من مدينة إلى أخرى، وأحيانا كانت تذكرهم ألفريدا وهي تسخر من كل هذا العدد من الأطفال الذين أنجباهم، وكيف اقترب بعضهم من بعض للغاية، وكم من المرات كان على الأسرة الانتقال من هنا إلى هناك.
قالت ألفريدا: «تعالي أعرفك إلى بيل.»
كان بيل بالخارج في الشرفة المغلقة بالزجاج. كان جالسا، كما لو كان ينتظر أن يستدعى، على أريكة منخفضة أو فراش ضيق للقيلولة مغطى ببطانية بنية منقوشة مربعات. كانت البطانية مجعدة - لا بد أنه كان راقدا عليها مؤخرا - وكانت مصاريع النوافذ جميعها مسدلة حتى الحواف. الضوء في الغرفة - ونور الشمس الساخن الذي تخلل المصاريع الصفراء المبقعة بالمطر - والبطانية المجعدة الخشنة والوسادة المنبعجة الناصلة اللون، حتى رائحة البطانية، والخف الرجالي، الخف القديم الذي فقد شكله وقالبه؛ ذكرني ذلك كله بمنزلي عمتي، بقدر ما فعلت محارم المائدة وقطع الأثاث الثقيلة الملمعة في الغرف الداخلية. هناك أيضا، كان يمكن للمرء أن يعثر على مخبأ خاص بالذكر بروائحه السرية ولكن الملحة، وبمظهره الخجول ولكن العنيد المناقض للمملكة الأنثوية.
نهض بيل واقفا وصافحني، وهو ما لم يقم به زوجا عمتي بالمرة مع فتاة غريبة، أو مع أي فتاة. لم يكن ما يثنيهما عن ذلك فظاظة خاصة بهما، ولكن الخوف من أن يظهرا رسميين أكثر من اللزوم.
كان رجلا طويل القامة له شعر رمادي متموج ولامع، ووجه ناعم البشرة وإن افتقد أمارات الشباب. رجل مليح، ولكن عنفوان ملاحته كان قد غاض وتبدد بطريقة ما؛ بسبب إهمال الصحة، أو لبعض الحظ العاثر، أو لافتقاده الألمعية، ولكنه كان لا يزال يحظى بكياسة عفا عليها الزمن، وبطريقته في الانحناء قبالة المرأة؛ مما أوحى بأن لقاءه بها مصدر سرور، لها وله.
وجهتنا ألفريدا إلى غرفة الطعام العديمة النوافذ حيث أضيئت المصابيح في منتصف هذا النهار المشرق. ساورني الانطباع بأن الوجبة كانت معدة منذ بعض الوقت، وأن وصولي المتأخر قد أربك نظامها المعتاد. قام بيل بتقديم الدجاج المشوي والصلصة المصاحبة، وقدمت ألفريدا الخضراوات. قالت ألفريدا لبيل: «حبي، ما الذي تراه بجانب طبقك؟» وهنا فقط تذكر أن يلتقط منديل المائدة.
لم يكن يتحدث كثيرا. عرض بعض المرق، وسألني إن كنت أريد نكهة المسطردة أو الملح والفلفل، وكان يتابع الحديث بإدارة رأسه نحو ألفريدا أو نحوي، وغالبا كان يصدر صوت صفير ضعيفا من بين أسنانه، صوتا مرتعشا بدا وكأنه يقصد به أن يكون لطيفا وممتنا، ولأول وهلة ظننت هذا الصفير تمهيدا لأن يبدي ملاحظة ما، لكنه لم يفعل بالمرة، ولم تلق ألفريدا بالا لذلك. سبق لي أن رأيت بعض مدمني الكحوليات الذين تعافوا من إدمانهم، يتصرفون بطريقة شبيهة لتصرفاته؛ يتفوهون فجأة بغمغمة استحسان دون أن تكون بوسعهم المواصلة لما وراء ذلك، ويكونون شاردي اللب بصورة لا حيلة لهم فيها. لم أعلم قط إن كان ذلك صحيحا فيما يخص بيل، الذي بدا وكأنه يحمل على كاهليه تاريخا من الهزيمة، تاريخا من أزمات تحملها ودروس تعلمها. كما كانت تحيط به هالة من تسليم الفرسان بمصائرهم، بكل الخيارات الخاطئة التي اتخذها أو الفرص التي أضاعها.
قالت ألفريدا إن تلك البازلاء والجزر كانا مجمدين. كانت الخضراوات المجمدة شيئا جديدا نوعا ما في ذلك الحين.
صفحه نامشخص