وقد وجدنا كل مقاصد الفعل مثل الماضي والحال والاستقبال مختصة بعبارات وضعت لها فالمقصود بالأمر كذلك يجب أن يكون مختصا بالعبارة وهذا المقصود أعظم المقاصد فهو بذلك أولى وإذا ثبت أصل الموضوع كان حقيقة فيكون لازمة إلا بدليل ألا ترى أن أسماء الحقايق لا يسقط عن مسمياتها أبدا وأما المجاز فيصح نفيه يقال للأب الأقرب أب لا ينفى عنه بحال ويسمى الجد أبا ويصح نفيه ثم ههنا صح أن يقال أن فلانا لم يأمر اليوم بشيء مع كثرة أفعاله وإذا تكلم بعبارة الأمر لم يستقم نفيه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حين خلع نعليه فخلع الناس نعالهم منكرا عليهم ما لكم خلعتم نعالكم وأنكر عليهم الموافقة في وصال الصوم فقال إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فثبت أن صيغة الأمر لازمة ولا ننكر تسميته مجازا لأن الفعل يجب به فسمي به مجازا والنبي عليه السلام دعا إلى الموافقة بلفظ الأمر بقوله صلوا كما رأيتموني أصلي فدل أن الصيغة لازمة ومن ذلك & باب موجب الأمر
وإذا ثبت خصوص الصيغة ثبت خصوص المراد في أصل الوضع وهو قول عامة الفقهاء ومن الناس من قال أنه مجمل في حق الحكم لا يجب به حكم إلا بدليل زائد واحتجوا بأن صيغة الأمر استعملت في معان مختلفة للإيجاب مثل قوله تعالى
ﵟأقيموا الصلاةﵞ
وللندب مثل قوله
ﵟوابتغوا من فضل اللهﵞ
وللإباحة مثل قوله
ﵟوإذا حللتم فاصطادواﵞ
وللتقريع مثل قوله تعالى
ﵟواستفزز من استطعت منهمﵞ
وللتوبيخ مثل قوله تعالى
ﵟفمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفرﵞ
وإذا اختلفت وجوهه لم يجب العمل به إلا بدليل ولعامة العلماء أن صيغة الأمر لفظ خاص من تصاريف
صفحه ۲۰