كنز الفوائد
كنز الفوائد
خارج عن سنن القياس وقد ذكروا عن ربيعة بن عبد الرحمن انه قال سئلت سعيد بن المسيب فقلت كم في اصبع المراة قال عشر من الابل قلت كم في اصبعين قال عشرون قلت كم في ثلاث قال ثلاثون قلت كم في اربع قال عشرون قلت حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها فقال سعيد اعرابي أنت قلت بل عالم مثبت أو جاهل متعلم قال هي السنة يا ابن اخ ونحو ذلك مما لو ذهبت الى استقصائه لطال الخطاب وفيما اوردته كفاية لذوي الالباب قال السائل فإذا كان القياس عندك في الفروع العقلية صحيحا ولم يكن في الضرورات التي هي اصولها مستمرا ولا صحيحا فما تنكر ان يكون كذلك الحكم في السمعيات فيكون القياس في فروعها المسكوت عنها صحيحا وان لم يكن في اصولها المنطوق بها مستمرا ولا صحيحا فقلت انكرت ذلك من قبل ان المتعبدات السمعية وضعت على خلاف القياس مما ذكرناه فوجب ان يكون ما تفرع عنها جاريا مجراها ولسنا نجد اصول المعقولات التي هي الضرورات موضوعة على خلاف القياس وإنما امتنع القياس فيها لانها اصول لا اصول لها فوضح الفرق بينهما ومما يبين لك ذلك ايضا انه قد كان من الجائز ان نتعبد بخلاف ما اتت به اصول الشرعيات وليس بجائز ان يتعبد بخلاف اصول العقليات التي هي الضرورات فلا طريق الى الجمع بينهما قال فما تنكر على من زعم ان الله تعالى فرق لنا بين الاصول في السمعيات وفروعها فنص لنا على الاصول وعرفنا بها وامرنا بقياس الفروع عليها ضربا من التعبد والتكليف ليستحق عليه الاجر والثواب قلت هذا مما لا يصح ان يكلفه الله تعالى للعباد لأن القياس لابد فيه من استخراج علة يحمل بها الفروع على الاصل ليماثل بينهما في الحكم والاحكام الشرعية لو كانت مما توجبه العلل لم يجز في المشروعات النسخ وفي جواز ذلك في العقل دلالة على انها لا تثبت بالعلل وقد قدمنا القول بان علل القائسين مظنونة والظنون غير موصلة الى اثبات ما تعلق بمصالح الخلق ولا مؤدية الى العلم بمراد الله تعالى من الحكم ولو فرضنا جواز تكليف العباد القياس في السمعيات لم يكن بد من ورود السمع بذلك اما في القرآن أو في صحيح الاخبار وفي خلو السمع من تعلق التكليف به دلالة على ان الله تعالى لم يكلفه خلقه قال فانا نجد ذلك في آيات القرآن وصحيح الاخبار قال الله عزوجل * (واعتبروا يا اولى الابصار) * الحشر فاوجب الاعتبار وهو الاستدلال والقياس وقال * (فجزائه مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل
--- [ 296 ]
صفحه ۲۹۵