133

ذلك من غير تفسير وكشف في آيات اخر عمن يشاء ان يضلهم ومن يريد ان يهديهم وميزهم ووصف بعضهم من بعض وبينهم فقال في الضلال ويضل الله الظالمين وقال * (وما يضل به إلا القوم الفاسقين فاخبر انه لا يشاء ان يضل إلا من سبقت منه الجناية واقترف الاساءة وقال في الهدى قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام) * المائدة وقال * (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) * التغابن فاوضح بهذه الايات المفسرة عما ذكره في تلك الايات المجملة فاما هذا الضلال منه والهدي فهو يحتمل وجوها منها ان يكون الاضلال العقاب والهدى الثواب وجاز ذلك في الكلام لأن الجزاء عندهم على الشئ يسمى باسم ذلك الشئ على طريق الاتساع وله نظائر في القرآن ومنها ان يضل العصاة عن الالطاف في الدنيا التي وعد بها أهل الايمان ومنها للتسمية فقد يقال اكذبني فلان إذا سماني كاذبا واضلني إذا سماني ضالا قال الشاعر وطائفة قد اكفروني بحبكم * وطائفة قالوا مسئ ومجرم * (الاية الثانيه) قوله سبحانه * (واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة انا هدنا اليك قال عذابي اصيب به من اشاء ورحمتي وسعت كل شئ فساكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكوة وهم باياتنا يؤمنون) * الاعراف المواضع المسؤول عنها من هذه الاية الذي يسئل عنه من معانيها قوله انا هدنا اليك وما في معناه في اللغه وقوله عذابي اصيب به من اشاء فهو مما يتشبث به المجبرة وقوله ورحمتي وسعت كل شئ فقد قال بعض الملحدة إذا كانت رحمته وسعت كل شئ فكيف لم تسع الكافر الذي لم يرحمه (الجواب) أما قوله هدنا اليك فمعناه تبنا اليك وأما قوله عذابي اصيب به من اشاء فالكلام فيه كالكلام في الضلال والهدى وقد تقدم من الكلام في ذلك ما يستدل به على انه تعالى لا يشاء ان يعذب إلا من عصى وأما قوله ورحمتي وسعت كل شئ ففيه وجهان احدهما ان نعمه سبحانه في الدنيا قد شملت الخلائق ووسعت العباد وسيكتبها في الاخرة للذين يتقون ويكونون على ما نعته من الصفات والوجه الاخر ان اراد بقوله وسعت كل شئ ان رحمته تسع الخلائق لو دخلوها ولا تقصر عنهم لو عملوا لها غير انه لا يكتبها الا لمن اتقى وفعل الحسنى (الاية الثالثة) قول الله تعالى * (الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه

--- [ 134 ]

صفحه ۱۳۳