الکامل فی التاریخ

ابن الأثیر d. 630 AH
57

الکامل فی التاریخ

الكامل في التاريخ

پژوهشگر

عمر عبد السلام تدمري

ناشر

دار الكتاب العربي

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٧هـ / ١٩٩٧م

محل انتشار

بيروت - لبنان

ژانرها

تاریخ
الزُّجَاجِ، فَأَصْفَدَ فِيهَا الشَّيَاطِينَ، وَرَكِبَهَا، وَأَقْبَلَ عَلَيْهَا فِي الْهَوَاءِ مِنْ دُنْبَاوَنْدَ إِلَى بَابِلَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ يَوْمُ هُرْمُزْرُوزَ وَافُرُوزَ دِينْ مَاهْ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ بَعْدَهُ. وَكَتَبَ إِلَى النَّاسِ فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ قَدْ سَارَ فِيهِمْ بِسِيرَةٍ ارْتَضَاهَا اللَّهُ، فَكَانَ مِنْ جَزَائِهِ إِيَّاهُ عَلَيْهَا أَنَّهُ قَدْ جَنَّبَهُمُ الْحَرَّ، وَالْبَرْدَ، وَالْأَسْقَامَ، وَالْهَرَمَ، وَالْحَسَدَ، فَمَكَثَ النَّاسُ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ وَالسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً لَا يُصِيبُهُمْ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ. ثُمَّ بَنَى قَنْطَرَةً عَلَى دِجْلَةَ فَبَقِيَتْ دَهْرًا طَوِيلًا حَتَّى خَرَّبَهَا الْإِسْكَنْدَرُ، وَأَرَادَ الْمُلُوكُ عَمَلَ مِثْلِهَا فَعَجَزُوا فَعَدَلُوا إِلَى عَمَلِ الْجُسُورِ مِنَ الْخَشَبِ. ثُمَّ إِنَّ جَمًّا بَطِرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَجَمَعَ الْإِنْسَ، وَالْجِنَّ، وَالشَّيَاطِينَ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ وَلِيُّهُمْ، وَمَانِعُهُمْ بِقُوَّتِهِ مِنَ الْأَسْقَامِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَوْتِ، وَتَمَادَى فِي غَيِّهِ، فَلَمْ يُحِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ جَوَابًا، وَفَقَدَ مَكَانُهُ بَهَاءَهُ وَعِزَّهُ، وَتَخَلَّتْ عَنْهُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ كَانَ اللَّهُ أَمَرَهُمْ بِسِيَاسَةِ أَمْرِهِ، فَأَحَسَّ بِذَلِكَ بِيَوْرَاسِبُ الَّذِي تَسَمَّى الضَّحَّاكَ، فَابْتَدَرَ إِلَى جَمٍّ لِيَنْتَهِسَهُ، فَهَرَبَ مِنْهُ، ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْرَاسِبُ فَاسْتَرَطَ أَمْعَاءَهُ، وَنَشَرَهُ بِمِنْشَارٍ. وَقِيلَ إِنَّهُ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ فَوَثَبَ عَلَيْهِ أَخُوهُ لِيَقْتُلَهُ، وَاسْمُهُ أَسِغْتُورُ، فَتَوَارَى عَنْهُ مِائَةَ سَنَةٍ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ فِي تَوَارِيهِ بِيَوْرَاسِبُ فَغَلَبَهُ عَلَى مُلْكِهِ. وَقِيلَ كَانَ مُلْكُهُ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. قُلْتُ: وَهَذَا الْفَصْلُ مِنْ حَدِيثِ جَمٍّ قَدْ أَتَيْنَا بِهِ تَامًّا بَعْدَ أَنْ كُنَّا عَازِمِينَ عَلَى تَرْكِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَمُجُّهَا الْأَسْمَاعُ، وَتَأْبَاهَا الْعُقُولُ، وَالطِّبَاعُ، فَإِنَّهَا مِنْ خُرَافَاتِ الْفُرْسِ مَعَ أَشْيَاءَ أُخَرَ قَدْ تَقَدَّمَتْ قَبْلَهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا لِيُعْلَمَ جَهْلُ الْفُرْسِ، فَإِنَّهُمْ كَثِيرًا مَا يُشَنِّعُونَ عَلَى الْعَرَبِ بِجَهْلِهِمْ، وَمَا بَلَغُوا هَذَا وَلِأَنَّا لَوْ كُنَّا تَرَكْنَا هَذَا الْفَصْلَ لَخَلَا مِنْ شَيْءٍ نَذْكُرُهُ مِنْ أَخْبَارِهِمْ.

1 / 61