الکامل فی التاریخ
الكامل في التاريخ
ویرایشگر
عمر عبد السلام تدمري
ناشر
دار الكتاب العربي
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
محل انتشار
بيروت - لبنان
ژانرها
تاریخ
وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَكَانَ أَعْرَجَ.
ذِكْرُ مُحَارِبَةِ أُسَّا بْنِ أَبِيَّا وَرَزَحَ الْهِنْدِيِّ
قِيلَ: كَانَ أُسَّا بْنُ أَبِيَّا رَجُلًا صَالِحًا، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ عَبَدَ الْأَصْنَامَ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى عِبَادَتِهَا، فَلَمَّا مَلَكَ ابْنُهُ أُسَّا أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: أَلَا إِنَّ الْكُفْرَ قَدْ مَاتَ وَأَهْلُهُ، وَعَاشَ الْإِيمَانُ وَأَهْلُهُ، فَلَيْسَ كَافِرٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يَطْلُعُ رَأْسُهُ بِكُفْرٍ إِلَّا قَتَلْتُهُ، فَإِنَّ الطُّوفَانَ لَمْ يُغْرِقِ الدُّنْيَا وَأَهْلَهَا وَلَمْ يَخْسِفْ بِالْقُرَى وَلَمْ تُمْطَرِ الْحِجَارَةُ وَالنَّارُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِتَرْكِ طَاعَةِ اللَّهِ وَالْعَمَلِ بِمَعْصِيَتِهِ! وَشَدَّدَ فِي ذَلِكَ.
فَأَتَى بَعْضُهُمْ مِمَّنْ كَانَ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَيَعْمَلُ بِالْمَعَاصِي إِلَى أُمِّ أُسَّا الْمَلِكِ، وَكَانَتْ تَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، فَشَكَوْا إِلَيْهَا، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ وَنَهَتْهُ عَمَّا كَانَ يَفَعَلُهُ وَبَالَغَتْ فِي زَجْرِهِ، فَلَمْ يُصْغِ إِلَى قَوْلِهَا بَلْ تَهَدَّدَهَا عَلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَأَظْهَرَ الْبَرَاءَةَ مِنْهَا، فَحِينَئِذٍ أَيِسَ النَّاسُ مِنْهُ وَانْتَزَحَ مَنْ كَانَ يَخَافُهُ وَسَارُوا إِلَى الْهِنْدِ.
وَكَانَ بِالْهِنْدِ مَلِكٌ يُقَالُ لَهُ رَزَحُ، وَكَانَ جَبَّارًا عَاتِيًا عَظِيمَ السُّلْطَانِ قَدْ أَطَاعَهُ أَكْثَرُ الْبِلَادِ، وَكَانَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى عِبَادَتِهِ، فَوَصَلَ إِلَيْهِ أُولَئِكَ النَّفَرُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَشَكَوْا إِلَيْهِ مَلِكَهُمْ وَوَصَفُوا لَهُ الْبِلَادَ وَكَثْرَتَهَا وَقِلَّةَ عَسْكَرِهَا، وَضَعْفَ مَلِكِهَا، وَأَطْمَعُوهُ فِيهَا.
فَأَرْسَلَ الْجَوَاسِيسَ فَأَتَوْهُ بِأَخْبَارِهَا، فَلَمَّا تَيَقَّنَ الْخَيْرَ جَمَعَ الْعَسَاكِرَ وَسَارَ إِلَى الشَّامِ فِي الْبَحْرِ، وَقَالَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ: إِنَّ لِأُسَّا صَدِيقًا يَنْصُرُهُ وَيُعِينُهُ، قَالَ: فَأَيْنَ أُسَّا وَصَدِيقُهُ مِنْ كَثْرَةِ عَسَاكِرِي وَجُنُودِي!
1 / 218