الکامل فی التاریخ
الكامل في التاريخ
ویرایشگر
عمر عبد السلام تدمري
ناشر
دار الكتاب العربي
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
محل انتشار
بيروت - لبنان
ژانرها
تاریخ
[ذِكْرُ أَمْرِ قَارُونَ]
وَكَانَ قَارُونُ بْنُ يَصْهَرَ بْنِ قَاهِثَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ قَاهِثَ، وَقِيلَ: كَانَ عَمَّ مُوسَى، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَكَانَ عَظِيمَ الْمَالِ كَثِيرَ الْكُنُوزِ.
قِيلَ إِنَّ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِهِ كَانَتْ تُحْمَلُ عَلَى أَرْبَعِينَ بَغْلًا، فَبَغَى عَلَى قَوْمِهِ بِكَثْرَةِ مَالِهِ، فَوَعَظُوهُ، وَنَهَوْهُ، وَقَالُوا لَهُ مَا قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ﴿لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ - وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: ٧٦ - ٧٧]، فَأَجَابَهُمْ جَوَابَ مُغْتَرٍّ لِحِلْمِ اللَّهِ عَنْهُ فَقَالَ: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ - يَعْنِي الْمَالَ وَالْخَزَائِنَ - عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي، قِيلَ عَلَى خَبَرٍ وَمَعْرِفَةٍ مِنِّي، وَقِيلَ: لَوْلَا رِضَا اللَّهِ عَنِّي وَمَعْرِفَتُهُ بِفَضْلِي مَا أَعْطَانِي هَذَا.
فَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ غَيِّهِ وَلَكِنَّهُ تَمَادَى فِي طُغْيَانِهِ حَتَّى خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ، وَهِيَ أَنَّهُ رَكِبَ بِرْذَوْنًا أَبْيَضَ بِمَرَاكِبِ الْأُرْجُوَانِ الْمُذَهَّبَةِ، وَعَلَيْهِ الثِّيَابُ الْمُعَصْفَرَةُ، وَقَدْ حَمَلَ مَعَهُ ثَلَاثَمِائَةِ جَارِيَةٍ عَلَى مِثْلِ بِرْذَوْنِهِ وَأَرْبَعَةَ آلَافٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَبَنَى دَارَهُ، وَضَرَبَ عَلَيْهَا صَفَائِحَ الذَّهَبِ، وَعَمِلَ لَهَا بَابًا مِنْ ذَهَبٍ، فَتَمَنَّى أَهْلُ الْغَفْلَةِ وَالْجَهْلِ مِثْلَ مَا لَهُ، فَنَهَاهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللَّهِ.
1 / 177