في المكفرات وعدوا منها جملا مستكثرة جدا وبالغوا في ذلك أكثر من بقية أئمة المذهب. هذا مع قولهم بأن الردة تحبط جميع الأعمال، وبأن من ارتد بانت منه زوجته وحرمت عليه فمع هذا التشديد بالغوا في الاتساع في المكفرات، فتعين على ذي مسكة في دينه أن يعرف ما قالوه حتى يجتنبه ولا يقع فيه فيحبط عمله ويلزمه قضاؤه وتبين منه زوجته عند هؤلاء الأئمة، بل عند الشافعي رحمه الله تعالى أن الردة إن لم تحبط العمل لكنها تحبط ثوابه فلم يبق الخلاف بينه وبين غيره إلا في القضاء فقط. ثم ذكر أنواع الكفر نوعا نوعا، وسيأتي بقية كلامه إنشاء الله تعالى في ذلك. لكن تأمل رحمك الله قوله: لكثرة وقوعها في الناس على ألسنة العامة من غير أن يعلموا أنها كذلك، وأن الشرك والردة قد وقع فيه كثير من أهل زمانه، يتبين لك مصداق ما قلنا إ نشاء الله تعالى وقال النووي في شرح مسلم: وأما الذبح لغير الله فالمراد به أن يذبح باسم غير الله كمن ذبح للصنم أو للصليب أو لموسى أو عيسى أو للكعبة ونحو ذلك. وكل هذا حرام ولا تحل هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلما أو نصرانيا أو يهوديا نص عليه الشافعي واتفق عليه أصحابنا، فإن القصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله والعبادة له كان ذلك كفرا، فإن كان الذابح قبل ذلك مسلما صار بالذبح مرتدا. انتهى. فتأمل قوله: فإن القصد مع ذلك الخ تجده صريحا في أن المسلم إذا قصد بالذبح لغير الله تعظيم المذبوح له غير الله والعبادة له أنه يصير كافرا مرتدا. والله أعلم. (فصل): وأما كلام الحنفية فقال في كتاب تبيين المحارم المذكورة في القرآن: (باب الكفر) وهو الستر وجحود الحق وإنكاره، وهو أو ل ما ذكر في القرآن العظيم من المعاصي، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ الآية، وهو أكبر الكبائر على الإطلاق فلا كبيرة فوق الكفر. إلى أن قال: واعلم أن ما يلزم به الكفر أنواع: نوع يتعلق بالله سبحانه، ونوع يتعلق بالقرآن وسائر الكتب المنزلة، ونوع يتعلق بنبينا ﷺ وسائر الأنبياء
1 / 331