وأما الثاني فيحتمل أن يكون قد عرفه أو قد كان صح له برؤيته أو رؤية غيره وأكده خبر الأعرابي وأيضا فإن صدق المجهول وكذبه مستويان فيه فلم يكن صدقه ظاهرا وقياسه لقبوله في الرواية على قبوله في الأخبار بكون اللحم مذكى وبرق جاريته التي يبيعها ونحوهما غير صحيح لاشتراط عدم الفسق في محل النزاع وما ذكروه مقبول مع الفسق اتفاقا على أن الرواية أعلى مرتبة من هذه الأمور الجزئية لأنها تثبت شرعا عاما فلا يلزم من القبول هنا القبول هناك أما وقت الأدا فالتكليف والعدالة معتبران (والضبط) من الراوي أي قوة الحفظ بحيث لا يزول لفظ ما سمعه ومعناه عن خاطره أو معناه فقط على القول بجوازها بالمعنى وذلك ليحصل الظن الذي هو شرط العمل فلو كان سهوه أكثر من ضبطه أو مساويا له لم يحصل وهذا فيمن لم يعلم حاله فيما روى وأما ما علم ضبطه أو سهوه في عمل فيه عليه مطلقا كأبي هريرة (1) ووابصة بن معبد الأسدي (1) ومعقل بن سنان (2) (و) الثاني (عدم مصادمتها) أي أخبار الآحاد دليلا (قاطعا) فإن صادمته بحيث لا يمكن تأويله معها لم تقبل سواء كان نقليا أو عقليا وذلك كصرائح الكتاب والسنة المتواترة والإجماع القطعي وما علم بضرورة العقل فيقطع بوضعها لأن الظني لا يقوى على مقاومة القطعي أما إذا أمكن تأويله بلا تعسف على وجه لا يصادم القطعي فهو الواجب صيانة لمن ظاهره العدالة عن التكذيب فإن لم يكن تأويله إلا بتعسف أطرج وقطع بكذب ناقله في الأصح. وقال محمد بن شجاع (1)بل يتأول ولو تعسفا إيثارا لحمل الرواي على السلامة. وبهذا يظهر أن اشتراط العدالة لا يغني عن الاشتراط فإنه أعم من أن يمكن تأويله أو سهوه أو غلطه أو لا يمكن (وفقد استلزام متعلقها الشهرة) أيضابأن لا يكون مما تتوفر الدواعي على نقله لغرابته كقتل خطيب على منبر المسجد الجامع يوم الجمعة أو لعموم البلوى به علما كمسألة الإمامة التي تقدمت فإن كان كذلك لم تقبل الآحاد فيه لما تقدم.
قلت وهذا الشرط يغني عن قوله ولا فيما تعم به البلوى علماإلخ.
صفحه ۹۷