والوجه في الفقر والمرض وقبح الصورة واماتة الاولاد والاحباب وقصر العمر والجدب، كونه صالحا في الدين للمتعلق به أو لغيره، لانا نعلم أن الحكيم فيما بينا قد يستصلح من يلي عليه تارة بالنفع وتارة بالضرر، وحالة بالمسرة واخرى بالغم، وعليه عوض متى كان لطفا لغير المؤلم، ولا عوض عليه متى اختص صلاحه به ولا بدل منه من المنافع، لان كونه لطفا له في فعل الواجب واجتناب القبيح الموصلين إلى الثواب كاف في الغرض ومغن عن العوض، لكون النفع بالثواب أعظم من العوض.
والوجه في تمكين الظالم مع القدرة على منعه أنه سبحانه مكنه ليعدل فظلم، لان القدرة على الانصاف قدرة على الظلم(1) ومنعه من الظلم ينافي التكليف، وتخليته لا يقتضي الرضا بظلمه، لكونه سبحانه كارها للقبيح وقادرا على الانتصاف وعالما بأنه سيفعله.
ولذلك قلنا انه لا يجوز أن يمكن من الظلم الامن يمكن الانتصاف منه باستحقاق اعواض يقابل ما يستحق عليه المظلوم، أو بأن يتكفل عنه العوض على ظلمه، لانه سبحانه على الوجه الاول عادل على الظالم ومنتصف للمظلوم، وعلى الوجه الثاني منتصف للمظلوم ومحسن إلى الظالم.
وليس لاحدان يقول: فقد يقع الفساد على كثير مما بينتم كونه صلاحا، لان كثيرا من ذلك قد يحصل لا من قبله تعالى كالغني من مكاسب محرمة، والفقر لتفريط الفقير مما يكتسبه من المال أو في وجه التكسب أو لتعدى بعض الظالمين عليه بأخذ ماله أو منعه من الاكتساب، واذا خلصت اضافة الغنى والفقر اليه تعالى لم يقدح ما ذكروه في كونه صلاحا، لان اللطف داع ومقرب إلى
صفحه ۵۹