Jurisprudential Provisions of Waqf
مدونة أحكام الوقف الفقهية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٧ م
ژانرها
المبحث التاسع الأوقاف في الدولة العثمانية (٦٨٧ - ١٣٤٣ هـ / ١٢٨٨ - ١٩٢٤ م)
وصلت الأوقاف في الدولة العثمانية قمة ازدهارها؛ من حيث التنظيم والإدارة، وسعة الانتشار، وظهور أنواع جديدة من الوقف لم تكن معروفة في العصور الماضية؛ مثل وقف النقود، كما شهد هذا العصر ميلاد عديد من المجمعات الوقفية الكبرى، والتي كانت نواتها في العصر المملوكي، خصوصًا في الحرمين الشريفين والقدس الشريف، كما شهد هذا العصر ميلاد خط سكة حديد الحجاز؛ الذي يعد أكبر مشروع وقفي يخدم الطرق في تاريخنا الإسلامي، كما حرصت الدولة العثمانية على دعم حركة التعليم بوقف الأوقاف على المدارس في مختلف أرجاء الدولة، وحرصت كذلك على تتبع حاجات المجتمع والدولة وسدِّها، من خلال أوقاف لإطعام الفقراء، والعجزة، وخدمة المسافرين، ورصف الطرق، وتجهيز الفتيات الفقيرات للزواج، وسد ديون المعسرين، والإنفاق على السجناء، وبناء المستشفيات، والمساجد، والزوايا، والأربطة، وتأمين حاجة الجيش من البارود، ورعاية الأيتام، ودعم المكتبات .. وغيرها من الأوقاف التي تعبر عن اهتمام العثمانيين وحاشيتهم ووزرائهم وزوجاتهم بالوقف (^١).
واهتمت الدولة العثمانية بالأوقاف منذ فترة مبكرة من تاريخها، حيث قام سلاطين آل عثمان بعد تأسيس دولتهم بإحصاء الأوقاف التي كانت موجودة في بلادهم، وأضافوا إليها أوقافًا كثيرة، ويعدُّ الوزير "سنان باشا" أول ناظر للأوقاف في الدولة العثمانية في عهد السلطان "أورخان بن عثمان" عام ٧٧٩ هـ/ ١٣٥٨ م، وفي عهد جلبي سلطان محمد الأول أنيطت مهمة الإشراف على الأوقاف القاضي القضاة "جلال الدين محمد"، حيث عُيِّن ناظرًا عامًّا للأوقاف، وبعد فتح القسطنطينية عام ٨٥٧ هـ/ ١٤٥٣ م عيَّن السلطان "محمد الفاتح" الوزير الأعظم "محمود باشا" ناظرًا على الأوقاف، وعندما توسعت الأوقاف أُسندت إدارتها إلى رئيس الكتاب، ثم أصبح قاضي العسكر في كل ولاية ناظرّا على الأوقاف.
(^١) انظر: تاريخ الدولة العثمانية، يلماز أوزنوتا، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مؤسسة فيصل للتمويل، إسطنبول، ١٩٩٠ م، ٤٩١.
1 / 93