قد فصل الحديث عن سنن كل ركن وواجب في الأبواب السابقة، وسنذكر فيما يلي سنن الحج غير المتعلقة بالأركان والواجبات.
-١ - طواف القدوم: لمن دخل مكة محرمًا بالحج أو قارنًا، وهو سنة للآفاقي لا للمكي ولا لأهل المواقيت، ويسمى طواف التحية لما روي عن عائشة ﵂ قالت: (إن أول شيء بدأ به وضع حين وقدم النبي ﷺ أنه توضأ وطاف) (١) . ويسن فيه الرمل والاضطباع إن أراد السعي بعده. ومن تركه فقد أساء. ويسقط إذا وقف بعرفة ساعة قبل دخوله مكة.
(١) البخاري: ج ٢ / كتاب الحج باب ٦٢/١٥٣٦.
-٢ - المبيت في منى ليالي التشريق: وهو سنة لفعل النبي ﷺ. ويكره أن يبيت في غيرها متعمدًا، لما روى ابن عباس ﵄ قال: (لم يرخص النبي ﷺ لأحد أن يبيت بمكة إلا للعباس من أجل السقاية) (١) . ولكن لا يلزمه شيء بترك المبيت ما دام قد أدى الرمي في وقته.
(١) ابن ماجة: ج ٢ / كتاب المناسك باب ٨٠/٣٠٦٦.
-٣ - أن يشرب من ماء زمزم، لحديث ابن عباس ﵄: (أن رسول الله ﷺ جاء إلى السقاية فاستسقى، فقال العباس: يا فضل، اذهب إلى أمك، فأت رسول الله ﷺ بشراب من عندها. فقال: اسقني. قال: يا رسول الله، إنهم يجعلون أيديهم فيه. قال: اسقني. فشرب منه، ثم أتى زمزم، وهم يسقون ويعملون فيها، فقال: اعملوا، فإنكم على عمل صالح) (١) . ويستحب أن يتنفس في الشرب ثلاث مرات، وينظر إلى البيت ويقول: "بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله ﷺ "، ويدعو ويقول في المرة الأخيرة: "اللهم إني أسألك رزقًا واسعًا وعلمًا نافعًا، وشفاء من كل داء وسقم، يا أرحم الراحمين"، وذلك لما روي عن عثمان بن الأسود قال: جاء رجل إلى ابن عباس ﵄ فقال: "من أين جئت؟ فقال: شربت من زمزم. فقال له ابن عباس: أشربت منها كما ينبغي؟ قال: وكيف ذاك يا أبا عباس؟ قال: إذا شربت فاستقبل القبلة واذكر اسم الله وتنفس ثلاثًا وتضلع منها فإذا فرغت فاحمد الله، فإن رسول الله ﷺ قال: (آية بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم) (٢) .
وعن ابن عباس ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: (ماء زمزم لما شرب له، فإن شربته تستشفي به شفاك الله، وإن شربته مستعيذًا عاذك الله، وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه) (٣) . وكان ابن عباس ﵄ إذا شرب ماء زمزم قال: "اللهم أسألك علمًا نافعًا ورزقًا واسعًا وشفاء من كل داء" (٤) .
ويستحب أن يمسح وجهه ورأسه بماء زمزم، ويصب على رأسه إن أمكن.
(١) البخاري: ج ٢ / كتاب الحج باب ٧٤/١٥٥٤.
(٢) المستدرك: ج ١ / ص ٤٧٢، والتضلع: تضلع الرجل امتلأ ما بين أعضائه شِبعًا ورِيًا.
(٣) المستدرك: ج ١ / ص ٤٧٣.
(٤) المستدرك: ج ١ / ص ٤٧٣.
-٤ - ثلاث خطب يلقيها إمام الحج أو نائبه، وهي:
أ - يوم السابع من ذي الحجة، لما روى ابن عمر ﵄ قال: (كان رسول الله ﷺ إذا كان قبل التروية خطب الناس فأخبرهم بمناسكهم) (١) .
ب - يوم عرفة بنمرة، لما روى جابر ﵁ في حديثه الطويل في صفة حجه ﷺ قال: (... حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها.. فخطب الناس) (٢) .
جـ - يوم النفر الأول بمنى، لحديث عبد الله بن أبي نجيح عن أبيه عن رجلين من بني بكر، قالا: (رأينا رسول الله ﷺ يخطب بين أوسط أيام التشريق، ونحن عند راحلته. وهي خطبة رسول الله ﷺ التي خطب بمنى) (٣) .
(١) البيهقي: ج ٥ / ص ١١١.
(٢) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ١٩/١٤٧.
(٣) أبو داود: ج ٢ / كتاب المناسك باب ٧١/١٩٥٢.
-٥ - التلبية عند التحول من حال إلى حال، كركوب أو صعود أو هبوط، أو إقبال ليل أو نهار.
-٦ - المبادرة بطواف الإفاضة بعد رمي جمرة العقبة، لما روى جابر ﵁ في حديثه الطويل: (.. رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر ... ثم ركب رسول الله ﷺ فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر) (١) .
(١) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ١٩/١٤٧.
-٧ - الإكثار من الصلاة والطواف والاعتكاف في المسجد الحرام.
-٨ - يسن لمن نفر من منى إلى مكة أن يقف بالمُحَصَّب ساعة يدعو الله، لما روي عن نافع "أن ابن عمر كان يرى التحصيب سنة" (١) .
(١) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٥٩/٣٣٨، والمحصب: الأبطح وهو موضع بقرب مكة.
-٩ - يسن النفر الثاني وهو آخر أيام التشريق اقتداء بفعله ﷺ، ولقوله تعالى: ﴿فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه﴾ (١) فالتخيير بين الفاضل والمفضول كما في المسافر يخير بين الصوم والإفطار والصوم أفضل.
(١) البقرة: ٢٠٣.
-١٠ - أن يوقع النية في أشهر الحج ويكره قبلها.
آداب الحج:
-١ - أن يبدأ بالتوبة قبل الخروج للحج.
-٢ - أن يودع أهله وولي أمره ويستأذنه، لما روي عن عمر بن الخطاب ﵁ أنه استأذن النبي ﷺ في العمرة فقال: (أي أخي أشركنا في دعائك ولا تنسنا) (١) .
-٣ - أن يخرج يوم الخميس، لما روى كعب بن مالك ﵁ قال: (قلما كان رسول الله ﷺ يخرج في سفر إلا يوم الخميس) (٢) .
-٤ - أن يحافظ على الطهارة.
-٥ - أن يتوسع بالنفقة.
-٦ - أن يكثر من الصدقات.
(١) الترمذي: ج ٥ / كتاب الدعوات باب ١١٠/٣٥٦٢.
(٢) أبو داود: ج ٣ / كتاب الجهاد باب ٨٤/٢٦٠٥.
1 / 191