139

فقه العبادات على المذهب الحنفي

فقه العبادات على المذهب الحنفي

ژانرها

وهو قسمان:
(١) المكروه تنزيهًا:
-١ - صوم يوم عاشوراء منفردًا عن التاسع أو الحادي عشر.
-٢ - إفراد يوم الجمعة بالصوم لوجود النهي عنه، فعن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: (لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تَخُصُّوا الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم (١)، وعنه أيضًا قال: سمعت النبي ﷺ يقول: (لا يصَوُمنَّ أحدكم يوم الجمعة إلا يومًا قبله أو بعده) (٢) .
-٣ - إفراد يوم السبت بالصوم، لما روي عن عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله ﷺ قال: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم) (٣) . وكذا إفراد يوم النيروز (٤) أو المهرجان (٥)، لأنه تعظيم لأيام نهينا عن تعظيمها، إلا أن يصادف معتاده فلا كراهة.
-٤ - يكره صوم الدهر لحديث أبي قتادة ﵁ وفيه: (فقال عمر: يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر) (٦) .
-٥ - يكره صوم يوم الشك إن صامه عن فرض أو واجب أو تردد فيه بين نفل وواجب.
-٦ - يكره الوصال في الصوم حتى يتصل صوم الغد بالأمس، لحديث أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (إياكم والوصال. قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله. قال: إنكم لستم في ذلك مثلي. إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون) (٧) .
-٧ - يكره صوم المسافر إذا أجهده الصوم، لما روي عن جابر بن عبد الله ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: (ليس من البر أن تصوموا في السفر) (٨) .
-٨ - يكره للمرأة أن تصوم تطوعًا وزوجها حاضر إلا بإذنه، لحديث أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تصوم المرأة وبَعْلُها شاهد إلا بإذنه) (٩) . وله أن يُفَطِّرها إلا أن يكون مريضًا أو صائمًا أو مُحْرِمًا فلا يجوز له منعها في هذه الحال.
-٩ - يكره الصوم عن الكلام لأنه في غير شرع الإسلام وقد نسخه شرعنا، فعن ابن عباس ﵄ قال: بينما النبي ﷺ يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل ولا يتكلم، ويصوم. فقال النبي ﷺ: (مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه) (١٠) .

(١) مسلم: ج ٢ / كتاب الصيام باب ٢٤/١٤٨.
(٢) البخاري: ج ٢ / كتاب الصوم باب ٦٢/١٨٨٤.
(٣) الترمذي: ج ٣ / كتاب الصوم باب ٤٣/٧٤٤.
(٤) النَّيروز: يوم في طرف الربيع.
(٥) المَهْرجان: يوم في طرف الخريف.. وهذا اليوم والذي قبله عيدان للفرس.
(٦) مسلم: ج ٢ / كتاب الصيام باب ٣٦/١٩٦.
(٧) مسلم: ج ٢ / كتاب الصيام باب ١١/٥٨.
(٨) مسلم: ج ٢ / كتاب الصيام باب ١٥/٩٢.
(٩) البخاري: ج ٥ / كتاب النكاح باب ٨٤/٤٨٩٦.
(١٠) البخاري: ج ٦ / كتاب الأيمان والنذور باب ٣٠/٦٣٢٦.
(٢) المكروه تحريمًا:
وهو إن صامه انعقد صومه مع الإثم، وإن شرع فيه ثم أفسده لا يلزمه القضاء.
-١ - صوم يومي عيد الفطر وعيد الأضحى، لحديث أبي سعيد الخدري ﵁ قال: (نهى النبي ﷺ عن صوم يوم الفطر والنحر) (١) .
-٢ - صوم أيام التشريق، وهي الثلاثة التي بعد عيد الأضحى، لحديث نُبَيْشَة الهُذَلي قال: قال رسول الله ﷺ: (أيام التشريق أيام أكل وشرب) (٢) .

(١) البخاري: ج ٢ / كتاب الصوم باب ٦٥/١٨٩٠.
(٢) مسلم: ج ٢ / كتاب الصيام باب ٢٣/١٤٤.
النذر (١):
حكم الوفاء بالنذر:
هو فرض على الراجح، وعلى القول المرجوح واجب إن كان من القربات، ضمن شروط سنذكرها، ودليل كونه واجبًا أن الآية التي ثبت الحكم فيها: ﴿وليوفوا نذورهم﴾ (٢)، دخلها التخصيص بمن نذر معصية ولذا فهي غير قطعية الدلالة، فعن عائشة ﵂ قالت: قال النبي ﷺ: (من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصه فلا يَعْصِه) (٣) فلا وفاء لنذر المعصية بل يحرم فعلها.
وقد انعقد الإجماع على وجوب الوفاء بنذر الطاعة، إن لم يكن نذر لجاج (٤) إذ اختلف في وجوب الوفاء به.

(١) أخر الكلام على النذر تأخيرًا لما أوجبه العبد على نفسه عما أوجبه الحق جلّ وعلا عليه.
(٢) الحج: ٢٩.
(٣) البخاري: ج ٦ / كتاب الأيمان والنذور باب ٣٠/٦٣٢٢.
(٤) مثال نذر اللجاج: أن ينذر أن يفعل شيئًا إذا أصاب أخاه مكروه.
شروط الوفاء بالنذر:
-١ - أن يكون من جنسه فرض بأصله، كالصلاة والصوم والحج، إلا أن يكون في وقت محرم، كأن ينذر صوم أيام التشريق أو العيدين، فيصح النذر ويقضيه في غير هذه الأيام.
-٢ - أن يكون المنذور مقصودًا لذاته لا لغيره كالوضوء فإنه مقصودًا لغيره.
-٣ - أن لا يكون واجبًا قبل نذره بإيجاب الله تعالى كالصلوات الخمس والوتر.
-٤ - أن لا يكون محالًا، كأن يقول: علي صوم أمس.
ويصح النذر بالصلاة غير المفروضة والصوم والصدقة والاعتكاف والذبح.
أقسام النذر:
-١ - النذر المطلق: كأن يقول لله عليَّ صلاة ركعتين، وهذا يجب الوفاء به في أي زمان وأي مكان لأن النذر إيجاب بالفعل من حيث هو قربة. ولا عبرة للزمان المعين ولا للمكان المعين، فلو نذر صوم شهر رجب صح منه وفاء لنذره صوم شعبان، ومن نذر صلاة ركعتين في مكة صحت منه ركعتان في أي مكان. كما لا عبرة لتعيين الدرهم وتعيين الفقير، فمن نذر أن يتصدق لفقير معين صح منه لأي فقير وبأي درهم، لأن المقصود تحقيق النذر من حيث هو تحقيق معنى العبادة؛ وهذا المعنى حاصل بدون مراعاة زمان ومكان وشخص خلافًا لزفر الذي قال بالتعيين.
-٢ - النذر المعلق: وهو قسمان:
أ - نذر معلق على شرط يريد وقوعه، كأن يقول: إن رزقني الله غلامًا أطعمت عشرة مساكين. فهذا يجب أداؤه إن تحقق الشرط ولا يجزئه إن فعله قبل تحقق الشرط.
ب - نذر معلق على شرط لا يريد حصوله، كأن يقول: إن كلمت زيدًا فلله علي عتق رقبة، فإذا كلّمه فهو مخير بين أن يوفي بالنذر وبين أن يكفر كفارة يمين لأنه بظاهره نذر وبمعناه يمين.

1 / 139