وعاد إلى الصول فرحات وقال: أما مصايب صحيح! واد قال؟! بس الجدع الغلبان ده كان خالي شغل، يعني زي ما بيقولوا موظف في كوبانية الشمس، يعبي الشمس طول النهار في قزايز ويسرح بيها في الليل، هئ هئ، أمال! آه، فتك في الكلام، الراجل الهندي ده مرة طالع م اللوكاندة فوقع منه فص ألماظ يسوى النهاردة بالميت سبعين تمانين ألف جنيه، شافه الجدع المصري قام واخده ومديه للغني الهندي. - فص إيه يا راجل يا بكاش؟
والتفتنا سويا، وكان الذي قال هذا شاويش طويل معه دوسيه ما لبث أن سأل فرحات: عملت إيه في المتوفى المجهول الاسم؟
وهب فيه فرحات: حاعمل ايه يعني؟ أمشي في الشارع اقول ياللي ضايع له ميت؟ - أنا رحت المستشفى وشفته. - تشرفنا. - شوف يا سيدي، عينه عسلية وشعره شايب وعلى صدغه الأيمن ... - وبتقول لي الكلام ده ليه؟ هو انا باعتك تخطبه؟ روح شوف شغلك احسن، عسلية ايه يابو طويلة يا هايف؟!
ثم التفت إلي قائلا: الراجل الهندي جه يدي للمصري فلوس إلا راسه وألف سيف ما ياخد ولا مليم، يهديك يرضيك مافيش فايدة، فكبر قوي في عين الهندي واكيف منه تمام، راحت الايام وجت الايام وروح الغني بلده وهو محتار يجازي المصري ده ازاي، فلقى إن أحسن طريقة انه يشتري باسمه ورقة لوترية، تعرف البريمو كانت تكسب كام؟ واللا استنى أما نشرب شاي.
وصفق كثيرا حتى جاء صبي البوفيه، وطلب الشاي واختلف معه طويلا على الطلبات التي تناولها في يومه: الصبي يقول ثلاثة وهو يقول اثنين، ولم ينته الخلاف حتى بإحضار الشاي.
وسمعنا باب المعاون وهو يفتح والمعاون يخرج ويقف في الفناء ويتمطى، وعاد فرحات يسأل المرأة: هيه، إيه الحكاية؟ - لما خدت عليه الحكم، لف علي عايزني اتنازل، مارضيتش، فبعتلي أمه وأخته وبنت خا... - هوس، كفاية لحد هنا، واتلموا عليكي في السيما؟ - أيوة، وفضلو يضربو فيه لما كانوا حيسقطوني. - إيه؟ - أصل أنا حامل في ست اشهر.
وترك الصول فرحات المحضر وقد استولى عليه حب الاستطلاع وأعجبته القصة وسألها: يخرب بيتك، حامل من مين يا بت؟ - منه يا بيه، من طليقي. - إمتى؟ - قبل ما يطلقني. - وجوزك ده طلقك ليه وانتي حامل ؟ - عشان وقع علي اليمين. - يمين إيه؟ وطلقك إمتى؟ - ليلة أول رمضان اللي فات، كسرت قلة أمه وأنا قايمة أتسحر، فحلف طلاق بالتلاتة ليكسر قصادها دراعي! - وكسر دراعك؟ - لأ، طلقني. - أنا قلبي كان حاسس والنبي، بقى قلة أمه هي السبب؟
بقى عشان قلة أمه اكسرت في رمضان اللي فات، يتحرق دمي النهاردة طول اليوم، قلة تمنها ساغ يا عالم أروح أنا ضحيتها؟
اسمعي يا بت؟ هل لديك أقوال أخرى؟ عايزة تقولي حاجة تانية؟ - أيوه يا بيه، عيوشة هي اللي مقلعاني الحلق، وأمها هي ... - أف، يا بت أقوال أخرى غير اللي قلتيها؟ - هو انا لسه قلت حاجة.
ولم أتمالك نفسي فضحكت، وتحول غضب الصول هو الآخر إلى قهقهة عالية وانتهى من المحضر، وتنهد وتثاءب وهز رأسه.
صفحه نامشخص