تلاشهای مسرحی قبانی در مصر
جهود القباني المسرحية في مصر
ژانرها
83 - في الليلة الخامسة من ليالي القباني المسرحية في مصر - وقد حضره الأديب أمين شميل، وقرظه بأبيات شعرية، نشرتها الصحف في حينها.
84
وربما كان حضوره تعضيدا لفرقة شامية تحتاج مساندة الأدباء والكتاب، خصوصا أن التوقيت كان في موسم الصيف الذي يكثر في وجود علية القوم للاصطياف.
ومسرحية «ناكر الجميل» بسيطة الموضوع، سهلة التناول الفني؛ حيث تدور حول «حليم» ابن الوزير، الذي يعطف على غريب يدعى «غادر»، فيحسن إليه ويتآخى معه ويقاسمه الجاه والمال والميراث، وذلك من فرط حسن أخلاق حليم. ولكن هذا الغادر قابل الإحسان بالخسة والدناءة، ونوى قتل حليم ليفوز بكل شيء. وبحادثة غير مقنعة يقتل غادر حبيبا ابن الملك قسطنطين بدلا من حليم ابن الوزير. وعندما أراد الشرطي القبض على غادر القاتل نجد حليما يخفي أداة القتل - الخنجر - داخل ملابسه، فيستغل غادر الفرصة ويخبر الشرطي بأن حليما هو القاتل، والدليل أن الخنجر مخبأ في ملابسه. وبذلك يتهم حليم ويحكم عليه الملك بالموت. وقبل تنفيذ الإعدام يقوم الوزير - والد حليم - برشوة السياف، الذي يبقي على حياة حليم دون علم الملك، وفي الليلة نفسها يحلم الملك حلما مفزعا، يظهر فيه شبح ويخبر الملك بأنه ظلم حليما وأن القاتل الحقيقي هو غادر، وفي الصباح يروي الملك الحلم للسياف الذي تطوع لاكتشاف الحقيقة. وبالفعل تنجح خطة السياف عندما استمال غادرا إلى جانبه، وجعله يفضي بما في ضميره من أسرار؛ حيث اعترف غادر بأنه القاتل الحقيقي. وهنا يظهر الملك ويواجه غادرا باعترافه، ويحكم عليه بالموت، ويبدي ندمه على موت حليم المظلوم، فيخبره السياف بأن حليما ما زال حيا. ووسط فرح الجميع بنجاة حليم وعقاب غادر نجد حليما - بخلق حميد لا مثيل له - يستعطف الملك كي يعفو عن غادر، وتنتهي المسرحية نهاية سعيدة للجميع.
هذه المسرحية يرجح أنها أول مسرحية يقوم القباني بكتابتها
85 - أو بالأحرى تأليفها - من غير الاعتماد على أصل تراثي معروف لها، رغم شيوع روح «ألف ليلة وليلة» في أحداثها، دلالة على وضوح مفردات الرسالة في ذهنه منذ بداية كتاباته المسرحية. وهناك أسباب منطقية عديدة لاعتبارها أولى كتابات القباني المسرحية، منها أسلوب الكتابة في شكله الخارجي الذي يميل إلى الشكل الروائي (القصصي) أكثر من ميله إلى الشكل المسرحي؛ حيث تداخل السرد مع الحكي مع الإرشادات المسرحية من غير فواصل محددة للمناظر أو المشاهد، التي أطلق عليها القباني فيما بعد في مسرحياته الأخرى اسم (وقائع).
نضيف إلى ذلك قلة ألحان المسرحية
86
بمقارنتها بعدد الألحان في أية مسرحية سابقة، مما يدل على أن الموسيقى لم تكن هدفا فنيا في مخيلة باكورة القباني المسرحية، ذلك الهدف الذي أصبح رئيسيا في أعماله التالية، كذلك ندرة الشخصيات النسائية المتمثلة في شخصية واحدة هي «هزار» والدة حليم، والاستغناء عنها جائز دون حدوث خلل في الموضوع أو في السياق الدرامي. وهذه الأمور في مجمل مثالبها تمثل طبيعة البدايات.
والجدير بالذكر - في هذا الصدد - أن القباني كتب «ناكر الجميل» بأسلوب الأوبريت - كباقي كتاباته الأخرى - أي مزيجا من النثر والشعر، ولكنه في النثر غالى في استخدام الصنعة اللفظية، من سجع وجناس وطباق ... إلخ مظاهر أسلوب الكتابة العربية في القرن التاسع عشر، وهذا الأسلوب بهذا الغلو - ربما غير ملائم في العروض التمثيلية - ولكنه ملائم في القراءة الأدبية - وهو أسلوب لم نلحظه في بقية النصوص المسرحية التي سبق الحديث عنها، ومثال على ذلك قول ناصر لحليم: «والله إن «غادر» لذميم، وشيطان رجيم، كثير الوسواس، خئون خناس، قليل الأمانة، مصدر الخيانة، ذو مضرة ورياء، ومخاصمة ومراء، أخلاقه ذميمة، وأوصافه مشومة، خبيث الطوية، وحركاته شيطانية، كالنار في الإحراق، وإبليس في الشقاق ...» إلخ.
صفحه نامشخص