جغرافیای سیاسی
الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط
ژانرها
ويرى الأستاذ أوفربك أن راتزل قد أكد دور العوامل المعنوية والإدارية للبشر إلى جانب عاملي المكان والموقع، ويقول أوفربك إن راتزل قد أشار إلى هذه العوامل إشارات خفيفة في كتابه الأساسي في الجغرافيا السياسية، ولكن دور العوامل الأخرى يبدو واضحا وقويا في دراساته التفصيلية مثل دراساته وأبحاثه السياسية عن دول حوض البحر المتوسط والولايات المتحدة وكاليفورنيا، ففي كتاب راتزل الأساسي عن الجغرافيا السياسية تطغى على راتزل فكرة «الدولة كائن مربوط إلى الأرض»، ومن ثم فإن راتزل كان يعالج موضوعات الدولة ومشكلاتها على أساس مناهج البحث في العلوم الطبيعية، ولهذا فإن المكان الطبيعي كان يظهر عند راتزل على أنه العامل الأساسي وحجر الزاوية في الجغرافيا السياسية.
ولا شك أن سقوط الكثير من الدول في الماضي والحاضر كان راجعا إلى أن هذه الدول قد تعدت «مكانها» الجغرافي، أو أنه عائد إلى تصورات خاطئة عن تنظيم «المكان» الجغرافي للدولة، وفي الحالتين تكون النتيجة سقوط الدولة؛ لأنها أصبحت غير قادرة على تحمل أعباء إضافية في حالة التوسع المستمر، أو لأنها أفسدت المكان الجغرافي في حالة إعادة تنظيم المكان مما يترتب عليه تخريب في الإنتاج ومراكز القوة في الدولة.
وهكذا تبرز دراسات هاسنجر وأوفربك وغيرهما أن راتزل لم يكن في واقع الأمر متحيزا تماما لفكرة المكان، وإن كان في أحيان يؤكد على العامل الطبيعي بحيث يطغى على إشاراته العديدة لعوامل أخرى تلعب دورها في الجغرافيا السياسية.
وفي هذا يقول جوستاف فوشلر هاوكه إن راتزل قد حذر من التغالي في فهم دور المكان والموقع في الجغرافيا السياسية، وإن صفات الشعوب تساهم مساهمة فعالة في إعطاء الدولة القيمة السياسية التي لها، ويؤكد هاوكه أن راتزل لم يتغاض عن قيمة العامل الاجتماعي وإن لم يبرز ذلك على النحو الذي نعرفه اليوم، خاصة بعد أن تطورت ونمت كثير من معارفنا ومناهجنا الجغرافية وغير الجغرافية مثل علم الاجتماع والأنتروبولوجيا والجغرافيا الاجتماعية.
والواضح أن راتزل كان على علم بأهمية المجتمع وتأثير المظاهر الحضارية والأيديولوجية على تكوين الدولة، كما كان واضحا لديه فكرة أن الدولة تتأثر بوظيفة المكان على مر الزمن.
ويمكننا أن نختتم الكلام عن راتزل بما ذكره الجغرافي الفرنسي ديمانجيون
A. Demangeon
مقدرا جهود راتزل العلمية: لقد كان راتزل أول من أدرك تعقيد حياة الدولة ووظائفها وأعطى لدراساتها الطابع العلمي. وإلى جانب ذلك يتفق كل الدارسين على أن فريدريك راتزل حمل عبء القيام بأول دراسة أصولية في الجغرافيا السياسية.
هوامش
الفصل الرابع
صفحه نامشخص