جغرافیای سیاسی

محمد ریاض d. 1450 AH
215

جغرافیای سیاسی

الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط

ژانرها

تدفق رأسمال من دول البترول على المصارف والاستثمارات العقارية في لبنان، وذلك نتيجة الموقف السياسي الليبرالي المحايد الذي تتبعه لبنان، ويضاف إلى ذلك تكثيف صناعة السياحة وكثير من الخدمات لمنطقة الشرق الأوسط العربي بصورة عامة. (3)

ساهم رأس المال القادم من سوريا والعراق، نتيجة عدم الاستقرار، مع رجال الخبرة من بعض الدول العربية ولبنان في زيادة الاستثمارات والعمالة والازدهار. (4)

في مجال العمالة البشرية أصبحت لبنان سوقا تجتذب فيها صناعة العمران والطرق وزراعة الموالح أيديا عاملة مقيمة ومهاجرة، وخاصة من الفلسطينيين المقيمين في لبنان، ومن السوريين الذين يأتون في عمالة موسمية. (5)

تمشيا مع الازدهار تحولت مساحات كبيرة إلى زراعة حديثة، وخاصة في البقاع والجنوب. (6)

وعكس ذلك أدت فرص العمالة في المدن اللبنانية القائمة على الخدمات، إلى هجرة من الريف والجبل وبدأ الإهمال يتطرق إلى كثير من الحقول الزراعية، وخاصة في الجبل؛ لأن عائد العمالة في المدن أكبر من عائد زراعة الفواكه (وهذه حالة ملحوظة في المناطق الجبلية مثلما حدث في جبال الألب، وخاصة في سويسرا، حيث هجر الكثيرون الرعي والزراعة إلى عمالة المدن الصناعية وعمالة الخدمات). (7)

وأولئك الذين مكثوا في الجبال يتجهون إما إلى تحويل جزء من نشاطهم من الزراعة إلى السياحة والاصطياف بتعمير سياحي الطابع، وإما إلى التكثيف الجديد للنشاط الزراعي في الجبل والسهل بواسطة استثمارات رأسمالية كبيرة، أو فردية، في مزارع الدواجن، وهو اتجاه إنتاجي محمود بالنسبة لتثبيت العمالة في الأرض الزراعية.

والخلاصة أنه نتيجة لهذه العوامل تضاعف عدد السكان في لبنان، وهي علامة صحية مرتبطة بالازدهار الاقتصادي، ولكن هذه الزيادة السكانية قد أصبحت مشكلة ذات شقين: أولهما التركيز الشديد للسكان في المدن، وبشكل خاص في بيروت، والثاني الزيادة التي تفوق بكثير التوازن الطبيعي بين المياه وأعداد السكان. ومن ثم تظهر المياه كمشكلة حساسة في البناء التحتي اللبناني المعاصر، وخاصة في السنوات التي تقل فيها الأمطار التي تغذي الأنهار والينابيع سنويا.

وبالرغم من صغر مساحة لبنان فإن التوزيع السكاني غير متعادل بطريقة تثير مشكلات قد تعصي على الحل، فهناك محوران يمتد حولهما تكاثف سكاني شديد هما: السهل الساحلي، وخاصة فيما بين طرابلس وصيدا، ومحور طريق الشام، وخاصة بين بيروت وشتورا، ونقطة التقاء هذين المحورين هي بيروت، وليس في هذا غرابة؛ إذ إن السكان يتكاثفون في السهل ومصبات الوديان الخصبة على طول الساحل، ويتكاثفون على طول الطريق الرئيسي الذي يحمل تجارة الترانزيت عبر لبنان، ولكن الغريب أن النمو غير المضبوط لبيروت نتيجة استئثارها بالقدر الأكبر من مقدرات الحياة الاقتصادية اللبنانية (تجارة الترانزيت البحرية والجوية، والأعمال البنكية وبعض الصناعات التحويلية) قد أدى إلى استقطاب نشاط السكان في جزء كبير من السهل الساحلي (بين جبيل وصيدا على وجه التقريب)، وقد أدى ذلك إلى تفريغ سكاني تدريجي من منطقة كانت ذات كثافة عالية ونشاطات اقتصادية محلية، والظاهرة الغريبة الثانية تتمثل في التكالب على الأراضي حول طريق الشام من أجل استثمارها استثمارا موسميا في النشاطات السياحية، وبالرغم من أن هذا شكل من الاستثمار الرابح، إلا أنه يعيبه أنه موسمي وليس دائما، وهو فضلا عن ذلك معرض لذبذبات سنوية عديدة نتيجة أية أحداث سياسية أو أي صورة من صور عدم الاستقرار في لبنان أو في الدول المجاورة، والسياحة والاصطياف - كما نعلم - من الصناعات التي تسمى «صناعة بدون قدم

footless »، وما أسهل تغير اتجاهات السياح لأسباب مختلفة منها مجرد الإشاعة بارتفاع الأسعار.

على العموم فإن الضغط السكاني في بيروت طول السنة، وفيما بين بيروت وبحمدون خلال نصف السنة الصيفي، قد أدى - فيما أدى إليه - إلى سحب المياه من مناطق عديدة لإشباع احتياجات هذه الكتلة السكنية الدائمة والموسمية، مما تسبب عنه أضرار بمناطق أخرى، وسوء توزيع مكاني لمياه محدودة، وسوء توزيع نوعي (بين احتياجات الزراعة واحتياجات الشرب) أيضا لهذه المياه المحدودة.

صفحه نامشخص