وموضوعها، حيث الطول ثلاث وخمسون درجة، والعرض ثلاث وأربعون درجة وثلث. وهي على نهر كبير يمر من غربيها. وفي جهاتها (..) وهي جبال، فيها نحو ثلاثين ألف بيت للتركمان. وفي غربي انكورية على ثمانية فراسخ، مدينة سلطان بولي، والطريق بينهما مزارع وعيون. وفي هذه المدينة حمامين ماؤها كمياه الحامة لا تحتاج إلى تسخين، وهو جار على الدوام، شديد الحرارة. ومن انكورية إلى قاعدة البلاد مدينة قونية أربعة أيام. وموضوع قونية، حيث الطول خمس وأربعون درجة، والعرض إحدى وأربعون درجة ونصف، ولها نهر ينزل من الجبل الذي في جنوبيها، ويسقيها من جهة غربيها، فتكون عليه بحيرة ومروج. والجبال دائرة بها من كل جهة، وتبعد عنها من جهة الشمال. وعلى بابها الناظر إلى الشمال صورة الحكيم الذي أمر بوضعها هنالك، تشير إلى جهة الشمال، كأنها تقول: الجبال هنا بعيدة، فما عليكم منها ضرر. ومبانيها بالطين وتبيض دور الرؤساء والأغنياء. وفي ديار الملوك والأكابر ألواح الرخام الأبيض، والليمون والأعناب والفواكه فيها وفي غيرها من بلاد الروم كثيرة. ويجلب الفستق الكبير الطيب من بعض جهاتها. وهناك المشمش الكبير المعروف بقمر الدين، وهو لوزي مفضل على مشمش دمشق. وسلطانها من نسل السلجوقية، وهم ترك آمنوا وملكوا من بلاد تركستان إلى بحر الشام، وفتحوا هذه البلاد المعروفة الآن ببلاد الروم. ويقال لهذا السلطان صاحب القبة والطير، وهو اليوم مدار للتتر بالأموال وبلاده داخلة في بلادهم. ويقال إن سلطنته تحتوي على أربع وعشرين مدينة من المدن الكبار، وفيها الولاة والقضاة فأصحاب الأعمال والجوامع والبزازون والحمامات. وأما الضياع فيقال إنها أربعمائة ألف ضيعة، منها ست وثلاثون ألفًا قد خربت. وبها معادن الفضة لا يزال عمالها، وفيها معادن الحديد. وفي شرقي قونية، اقشار، وهي أطول من قونية بدرجة ونصف. وقونية أعرض بربع درجة. وهذه المدينة من المدن الملاح الكثيرة السكان والمياه. وأكثر ما فيها التفاح المخضب المليح، والكمثرى الكبيرة، والسفرجل المفضل والخوخ العالي. وفي شرقيها مدينة اقصرا، التي تعمل فيها البسط الملاح، وهي في عرض اقشار وأطول منها بدرجة، وهي كثيرة الفواكه أيضًا تحمل على العجل إلى قونية في بسيط كله مزارع وأودية. ويقول أهل تلك البلاد إن مسافة هذه الطريق ثمانية وأربعون فرسخًا، وكذلك من أقصرا إلى مدينة قيصرية. وهي منسوبة إلى قيصر وتسمى في عصرنا قيسارية، وهي مدينة جليلة يحلها سلطان البلاد، ويتنقل منها إلى قونية ومن قونية إليها. وهي حيث الطول ست وخمسون درجة ونصف، والعرض اثنتان وأربعون درجة وأربعون دقيقة. والطريق الذي بينها وبين اقصرا كله مزارع وأودية في بسيط تسير فيه العجل بالبقر. وفي شرقي قيصرية مدينة سيواس، وهي من أمهات مدن البلاد مشهورة عند التجار. وهي من بسيط حيث الطول سبع وخمسون درجة ونصف، والعرض إحدى وأربعون درجة وأربعون دقيقة. ويقول المسافرون بتلك البلاد المنقطعون على هذه الطريق، أنهم يجدون فيها أربعة وعشرين خانًا فيها كل ما يحتاجون إليه، ولا سيما في أيام الثلوج. وفي شرقيها مدينة أرز الروم، وهي آخر بلاد الدروب من جهة الشرق. وموضوعها حيث الطول أربع وستون درجة والعرض اثنتان وأربعون درجة وثلاثون دقيقة. وفي شرقيها وشماليها منبع الفرات من عيون ومروج وغياض وبنفسج حيث الطول أربع وستون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض ثلاث وأربعون درجة ونصف. ويقول أهل تلك البلاد أن أرز الروم من أعالي الأرض. وغالى بعضهم حتى قال أنها أعلى من جميع الأرض بأربعين ذراعًا. وفيها عين عظيمة يخرج منها قسمان، فقسم هو الفرات، وقسم يمر إلى المشرق وهو النهر الكبير الذي ينصب في بحر الباب. وحول تلك العين الكبيرة، عيون كثيرة، وهي ينبت فيما بينها البنفسج. وذكر ابن فاطمة أن الفرات يأتيه نهر يمده من جبل، حيث الطول ثمانية وستون درجة ونصف، والعرض إحدى وأربعون درجة وعشرون دقيقة. ومن هنا جعل بطليموس منبع الفرات. ومن الجبل المذكور منبع نهر أراس، الذي يشق بلاد أذربيجان وينصب نحو الباب، وذلك حيث الطول سبعون درجة، والعرض اثنتان وأربعون درجة واثنتان وعشرون دقيقة. ويقول أهل الروم أن بين سيواس وارز الروم مدينة أرزنكان المشهورة، وبينها وبين كل واحدة منهما ستون فرسخًا. والطريق التي بين
1 / 61