وفي تلك الجهة حصن تل باشر على مرحلة جيدة من حلي فيه المياه والبساتين، وقد خص بالعين المعروف، وبالأخص الذي لا نظير له ولا يستطيعون توصيله إلى حلب لأنه يستحيل إلى ماء في الطريق. وبين حلب وإنطاكية حازم، وهو حصن كثير الأرزاق، وقد خص بالرمان الذي يظهر باطنه من ظاهره مع عدم العجم وكثرة الماء، وهو على مرحلة جيدة من حلب. وفي شرقي الباب المتقدم الذكر فيما بين حلب والفرات مدينة منبج، التي سأل الرشيد بن عبد الملك بن صالح عن ليلها فقيل له سحر كله. ولأبي فراس الحمداني شعر في منتزهاتها وأماكن لذاتها، وفيها ماء سائح وأكثر شجرها التوت لتربية دود الحرير. وهي حيث الطول ثلاث وستون درجة وخمس وأربعون دقيقة والعرض خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وبينها وبين الفرات حيث قلعة نجم والجسر خمسة وعشرون ميلًا، وهذه القلعة في السحاب، وصفها الفاضل بالوصف البديع، وكان يقال لذلك المكان منبج فصار يعرف بقلعة نجم، وهي من بناء السلطان محمود بن زنكي ﵀. وكان كثيرًا ما يرابط بها ويغزو منها الفرنج الذين تسلطوا بالفتنة على ثغور الشام والجزيرة. وهذا الجسر جزنا عليه إلى حران، وفوقه بمرحلة جيدة حصن بداية يجاز عليه إلى سروج، التي بنا الحريري مقاماته على ذكرها، وهي كثيرة المياه والبساتين، وفيها الرمان المفضل والكمثري والخوخ والسفرجل، وبينها وبين حران مرحلة، وقد تعمل في مرحلتين. وأول ما يلقاك في هذا الجزء الرابع من الفرات المنحدر من جسر منبج إلى الشرق والجنوب، مدينة باليس المشهورة بالتجار الأغنياء، والبرية بينها وبين حلب وكثيرًا ما تقطع فيها العرب على أهلها، وهي من الجانب الغربي الشامي. وفي شرقيها وجنوبها على الجانب الشرقي الجزيري، مدينة الرقة المعروفة بالبيضاء، لبياض رملها وسورها، وهي قاعدة ديار بلاد الجزيرة، حيث الطول ست وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة.
وتقع جزيرة قرقسيا، وهي بين الفرات والخابور النازل من رأس عين، حيث الطول ست وستون درجة وخمسون دقيقة، والعرض خمس وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتحتها مدينة الرحبة، وهي ذات فواكه كثيرة على غربي الفرات في الجانب الشامي، وهي فرضة تدمر، وهي على مرحلة منها في البرية، وبها آثار عظيمة كبيرة. ويزعم شعراء العرب أن الجن بناها لسليمان بن داود ﵉، وبها جامع من صخرة واحدة كأنه نقرة في جبل منقطع، وقد صنع سقف ذلك الجامع منه وكل ما فيه. وهي أرض زيتون ونخيل، وفيها الكثير من الغاسول. وتقع جزيرة عانة في وسط الفرات، حيث الطول سبع وستون درجة وعشرون دقيقة، وهي من بلاد الجزيرة، وأهلها الغالب عليهم النصرانية، وحرها مذكور في الأشعار. وتحتها في وسط الفرات الحديثة حيث الطول سبع وستون درجة ودقائق. وتقع مدينة هيت على غربي الفرات، وهي أيضًا من مدن الجزيرة وإليها منتهى الحد، حيث الطول ثمان وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة، وهي بلد خيرات ونخيل. وتقع مدينة الأنبار على جانب الفرات الشرقي، وهي أول مدن العراق من جهة الجزيرة، حيث الطول تسع وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتقع مدينة الكوفة المشهورة على ذراع من الفرات في غربيه، حيث الطول تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة وخمسون دقيقة.
1 / 43