وفي هذا الجزء الرابع من مدن الحلشة المذكورة في الكتب حنبيه حيث الطول ثمان وخمسون درجة والعرض ثلاث درجات. وفي شرقيها بلاد كزله. وهم مشهورون في بلاد الحبشة مرغوب في جنسهم. والحبشة بالإطلاق أفضل أجناس السودان وخصيان الملوك والأكابر منهم. وهم نصارى وفيهم بالساحل مسلمون. وبلاد كزله من أول خط الاستواء في مجاورة زنج الحبشة إلى جنوب جبل موريس الذي زعموا أن أهل حنبيه وتلك الجهات يعيشون مما فيه من معادن الذهب والفضة. وهو على أربعة أيام من حنبيه، وفي شرقيها وشمالها يبدأ من هنالك ويمر مشرقًا منحرفًا إلى الشمال حتى يشق نيل الحبشة وينتهي إلى بحرهم. وفي شرقي كزله وجنوبها بحيرة الحاورس وهي منسوبة إلى أمة من زنوج الحبشة عراة متوحشون، ويقال أن الذهب والرصاص القلعي في أرضهم كثير. قال ابن فاطمة: نقل عن بطليموس أن مركز هذه البحيرة في خط الاستواء حيث الطول اثنان وستون درجة وقطرها من كل ناحية إلى المركز درجتان. ويخرج منها نيل الحبشة الذي يشبه نيل مصر في زيادته أيام نقص الأنهار وفي وجود التماسيح وفرس النيل وذلك حيث الطول إحدى وستون درجة والعرض درجتان. وعلى شرقيه إلى جانب البحيرة من مدنهم المذكورة في الكتب النجاعة. ويمر إلى الشمال فيكون عليه حيث الطول اثنان وستون درجة والعرض ست درجات مرقطة وفي شمالها جبل المعادن المتقدم الذكر. والمدينة في شرقي النيل وفي شمال الجبل بلاد سحرته من أجناس الحبشة المذكورة وعمائرهم ممتدة مع هذا النيل من الجانبين. وفي شرقيه من مدن الحبشة المشهورة كلغور، وهي مجمع لهم في كل ناحية وبها ملتقى من يريد البحر أو النيل أو البرية. وموضوعها حيث الطول ثلاث وستون والعرض إحدى عشرة درجة. وفي شمالي سحرته من النيل إلى البحر بلاد الخاسه وهم مذمومون بين أجناس الحبشة وقد اشتهر عنهم أنهم يخصون من يقع إلى أيديهم ويدفعون ذكور الآدميين في صداقاتهم ويفتخرون بذلك. ومن شرقيهم إلى البحر سمهر وهي أرض يكون فيها القنا الطوال السمهرية. ومن غريب شأنها أنها إذا احتك بعضها ببعض انقدحت منها نار تحترق بها كلها أو طائفة منها على قدر الالتصاق ومساعدة الرياح. والغزلان في أرض سمهر كثيرة. ومن جلودها يشدون على الخيل عوض السروج ويركبون عليها، وقتالهم بالقنا السمهرية المذكورة ولهم بالطعن بها واللعب حذق، ويزعمون أنهم يصل إليهم من الجنوب قوم كالترك بيض ولهم شعور ويقاتلونهم. وإن صح هذا تكون الأقاليم بالجنوب مرتبطة كالأقاليم بالشمال، والكلام في ذلك يطول. وفي أرضهم الكركدن وله قرنان في جبهته أحدهما أطول من الآخر وهو حيوان مؤذ يصيده الفارس بأن يعدو خلفه فيضرب رجليه بالسيف فيقع وإن لم يحترز منه وقع الكركدن عليه فقتله مع فرسه، وهم يأكلون لحمه. وايضًا على نيلهم الأسود والفيلة. وفي شرقي كلغور بانحراف إلى الشمال مدينة نجبه التي تنسب إليها الجمال النجيبية وذلك حيث الطول خمس وستون درجة والعرض اثنتا عشرة درجة. وفي غربيها جبل الخماهن ويوجد فيه هذا الحجر وكان عزيزًا عند الفرس وكانوا يختمون به ويتداوون بالماء إذا حك فيه من حرارة الخماهن. ويقال له الصندل المعدني وهو داخل مدخل الصندل في مداواة العلل الحارة. وطول هذا الجبل مائة ميل من الجنوب إلى الشمال باعوجاج عندما يمر شمالًا إلى المشرق، وأول ما يلقاك من مدن الحبشة على بحر الهند من ساحله الغربي، وحد بلاد بربرا المتقدمة الذكر، خلف خط الاستواء، مدينة بطا وهي مشهورة على ألسن الحبشة الذين ببلادنا وهي على درجتين من الخط وطولها أربع وستون درجة ونصف. وفي شمالها من مدنهم على مائة ميل بأقصلي على جون داخل إلى المغرب نحو خمسين ميلًا. وفي شماليها منقوبه وهي جبل الدخلة المستمرة إلى الشرق حيث الطول خمس وستون درجة والعرض ثمان درجات وثلاثون دقيقة. وفي طرفيها جبل مقورس داخل في البحر. وفي شماله من مدن الحبشة المشهورة بلاد الزيلغ، وأهلها مسلمون يكثرون الحج والتردد إلى ساحل عدن وزبيد، وهي محل حطّ وإقلاع، ومنها يتوزع رقيق الحبشة على بلاد الإسلام الساحلية. وموضوعها على ركن من البحر ينتهي إليه عرض طرفه الغربي والشمالي، حيث الطول ست وستون درجة والعرض إحدى عشرة درجة غير دقائق. والمذكور في الكتب من جزر هذا البحر المقاربة للساحل جزيرة قنبلو، بينها وبين باقصلي درجتان
1 / 12