جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
ژانرها
والآن يقوم عندنا رجل يعمل موسوعة يحتاج إليها كل ناطق بالضاد من أصيل ومستعرب، ففي هذه الموسوعة موسوعة العلايلي: اللغة وفقهها، والعلم وتحديداته ومسمياته، والفلسفة والتاريخ، وإذا قال العلايلي إنه يفضل شرح غوامض تاريخ الأمة بكلامها فهو على حق، فالكلمة لم تخلق إلا لموجود يعرف بها، كما يخلق الاسم للطفل الجديد.
الكلمة كائن حي خالد؛ لأنها تبقى حية بعد الحي لتدل على أنه وجد، وما وجدت إلا لتصور كائنا حقيقيا أو ترهيا، كما عبر الشيخ عن الميثولوجيا.
كنا نشكو من معاجمنا خلطها الحقيقة بالمجاز، فجاء من نظم ورتب وكلف الكلمة جهدها، وبعد ما كانت اللفظة «مشاعا» حددت ملكيتها، فجاء معجمه موسوعة حقا لا ينقصها إلا الأعلام، ولعله يخصها بجزء فيكون كتابه معجم القرن العشرين.
فحسبك منه أنه ذكر الإبركسيس أو الإبركساس، وسيذكر - إن شاء الله - في الأجزاء الآتية: النافور، والشحيمة، والجليان، والسنكسار، والريش قريان، والزياح والجناز، وغيرها وغيرها، فيسهل فهمي أنا، خاصة على القارئ العربي في كل قطر، ويعرف كل جار منا ما عند جاره.
قلت إن هذه الموسوعة رحيبة الجوانب ضمت القديم والحديث وشبهتها بالمخزن، ولعلي ظلمتها في ذلك التشبيه الضيق، فهي أصبح تشبيها بالفبارك العظمى مثل معمل سانت إتيان مثلا الذي تجد فيه كل حوائجك.
ليس المجال الآن مجال مناقشة ولكنه لا بد من الإشارة إلى شيء، وهو أن الشيخ - متع الله العربية بطول بقائه - قد تمادى في الخلق حتى شاء أن يضع ألفاظا عربية موضع ألفاظ صقلتها الألسنة واستعملتها الأقلام، فمن يستعمل مثلا كلمة الأجيلة بدلا من الكمبيالة أو السند؟ والأبادية للسريالية، والمصفق للبورصة، والترهية للأساطير - الميثولوجيا - والنهجية الكلاسيكية، والأجد للباتون، والأبير للجراح الماهر جدا، ثم ما حاجتنا إلى اشتقاق فعل من أبريل - نيسان - لتقول أبرل أبرلة وأبرولة؛ أي كذبة نيسانية! أظنك اهتممت بها يا شيخنا الكبير؛ لأن كل الأيام عند أكثرنا أول نيسان.
و«الأبريغونية» التي نشكر لك تعريفنا بها وبغيرها من الشئون والشجون الممتعة، ما حاجتنا إلى اشتقاق فعل من لفظتها لنقول: أبرغ؛ أي أخذ بتقاليد أبريغون، إن رهبانياتنا - وأبناؤها من قومنا عرب أقحاح - يعتبون علينا إذا لم نشتق لهم فعلا.
وأقول بلا محاباة: إني أؤثر أن نعرب كما عرب العباسيون، أي أن نفعل كما يفعل المهندس حسين يخطط طريق ضيعة، فهو أول ما يتعرف إلى طريق القدم والحافر، ثم يماشيها ويحورها طبقا لفنه.
إني أؤثر التعريب والنحت، وإن قال علامتنا الشيخ عبد الله إن اللغة العربية لا تبيح النحت «جنوحا وراء ما في طبيعتها من رغبة في التجسيد الكامل».
أليس عند الفرنسيين كلمات بمعنى مسكين ودرويش وبرنس! فلماذا فرنسوها هكذا؟ فلنفعل مثلهم.
صفحه نامشخص