جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
ژانرها
إن في هذا المنثور شعرا كثيرا لا نجد مثله في منظوم الوليد، الذي يرى الشعر سليقة وفطرة لا صناعة وفكرة، فأبو الفضل سليقي يقول فيعرب كما قال ذاك الشاعر عن نفسه، طويل النفس كابن الرومي وإن لم تكن له معانيه الغريبة، قد يتفقان في وحدة القصيدة ويختلفان في أن الوليد لا حشو عنده ولا ركاكة، تمنى أبو الفضل لو وضع أوزانا جديدة ليكون ذا بدعة وإبداع كما قال، ولكنه لم يفعل شيئا من هذا، وما عبر في قريضه إلا عن آماله وأمانيه بعريان الكلام، البعيد عن الخيال الشعري المنمق العبارة.
والشعر في نظر رفيقي إلياس نبوءة حقا؛ ولهذا قال في مقدمة الرياحين: «كان اليهود يقولون تنبأ؛ أي قال الشعر، فالنبي في عرفهم هو الشاعر، وقد كانوا - وأيم الحق - مصيبين، فما الزبور والأسفار والنبوءات إلا قصائد، وما داود وسليمان وسائر الأنبياء إلا شعراء، وكفى بنشيد الأناشيد شعرا غزليا يخلب القلوب ويسلب الألباب، إن التوراة رقن - دواوين - شعر مجموعة، وهي كتاب اليهود، ولكل أمة كتاب هو كتاب شعرها، تذكر به ما كان وتأمل أن يكون.»
ويعرفنا أبو الفضل الوليد بديوان «رياحين الأرواح» فيقول إنه مظهر الروح المتأثرة، وكذا يكون شعر الصبا والفتوة، فهذا كتاب الوليد حقا ولا أسميه عبثا كما سمى المعري ديوان البحتري؛ إذ لا يحق لي ولا لغيري أن نعبث بالشاعر الصادق الذي يكشف لنا خبايا نفسه.
هذا الديوان غزل كأكثر الغزل، ولكن فيه وثبات كما في قصيدة مداعبة عذراء:
مجلسها صمت وإيجاز
ولحظها للقلب مهماز
ما لي على عفتها طاقة
تلك على المجروح إجهاز
من لي بها والدين دون الهوى
وفي يد القسيس عكاز
صفحه نامشخص