ژنرال یعقوب و فارس لاسکاریس: و پروژه استقلال مصر در سال 1801
الجنرال يعقوب والفارس لاسكاريس: ومشروع استقلال مصر في سنة ١٨٠١
ژانرها
لم يكن إذن لهذه المذكرات أي أثر واقعي، ولا نجد في الأوراق ما يدل على وجود تفويض لوفد مصري، وعلى فرض وجوده. فمن الثابت أنه لم يشترك في منحه أي شيخ من العلماء، وإلا لوجدنا في الجبرتي ما يدل عليه. وليس هناك أيضا ما يدل على حصول يعقوب على تفويض من عظماء الأقباط فقط، إذ إن سيرتهم لا تحملنا على الاعتقاد بأن الفكرة الاستقلالية جالت في أذهانهم. وإنما التفويض الوحيد الثابت حصول يعقوب عليه كان لمطالبة الحكومة الفرنسية برد مبلغ من المال أقرضه هو وجرجس جوهري وآخرون للجنرال مينو.
75
يحق لنا بعد هذا أن نقرر أن كلمة الوفد المصري والأدلة التاريخية والفلسفية من أفكار لاسكاريس، وأن يعقوب لم يقرر إلا الفكرة الاستقلالية.
رغم هذا لا تخلو هذه المذكرات من شبه لما قرره المصريون وما أعلنوه في أيام أقرب إلينا من سنة 1801: في اتباع طريق المفاوضة للحصول على الاستقلال، وفي توطيده بالاعتراف الدولي، وفي تبرير طلب الاستقلال بالتنويه بمجد مصر، وبأن عظمة الماضي تبعث على الأمل في عظمة المستقبل، وبأن مصر بها من الموارد في المال والرجال ما يكفل قيام الدولة المستقلة، وأخيرا بأن موقعها الجغرافي يجعلها موضع التنافس، وأن الدولة التي تسيطر عليها تصبح من القوة بحيث تتحكم في مصالح الدول الأخرى الحيوية وخير الجميع في استقلالها. ••• «كان نصيب مشروع 1801 الإهمال، وكذلك كان حظ أصحابه».
وقد عرفنا مآل يعقوب، أما أصحابه فقد عاد نفر منهم لوطنهم بعد قليل، وظل منهم في أوروبا آخرون قامت بينهم القضايا والدعاوى، ووقع أكثرهم في الفقر والفاقة، فأجرت عليهم الحكومة الفرنسية معاشا مدة طويلة، وانتهى أمرهم بالاندماج في الفرنسيين. ولم يكن من أثر ثابت لأحد منهم إلا لليوس بقطر صاحب القاموس الفرنسي العربي.
76
وظل لاسكاريس يضرب في بلاد الشرق سنينا. يجود ذهنه بالمشروع تلو المشروع أحيانا لإصلاح الزراعة في بلاد قوقاز ولبنان، وأحيانا لتدبير مستقبل الجبل السياسي أو لتسوية مشكلة الوهابية. وهو أينما حل يحوطه جو من الظنون والارتياب من جانب الرجال الرسميين وحظه الحزن والفاقة. إلى أن هبط مصر يرتزق من تعليم الفرنسية لإسماعيل بن محمد علي، وبقي كذلك إلى أن مات في 1817. وانتهى كما بدأ «صاحب مشروعات»، إلا أنه على الرغم من ذلك يحق علينا أن نحيي ذكرى من عرف كيف يجيد الكلام في استقلال مصر، وكيف يبينه على مبرر الاستقلال الحقيقي: الكرامة الإنسانية. فكان بذلك معبرا بلغة العصر الحاضر عما جاش في نفس المصري يعقوب.
كذلك كانت بداية الفكرة الاستقلالية، أما تاريخها فهو تاريخ مصر من أيام محمد علي حتى اليوم.
الملاحق
الملحق الأول
صفحه نامشخص