دکتر جکیل و آقای هاید
الدكتور جيكل والسيد هايد
ژانرها
وما إن تحولت إلى جيكل مرة أخرى، ركعت على ركبتي وتوسلت الرحمة من الله، وتأكدت أنه لن يكون هناك هايد مرة أخرى. وشعرت بأن اتخاذ هذا القرار النهائي هو الحرية. ولم أدرك إلى أي مدى كان هذا سجنا. ولكي أتأكد أنني لن أتعرض للإغواء مرة أخرى، وأن هايد لن يستطيع الدخول من الباب الخلفي، كسرت القفل، وعندئذ سحقت مفتاح البوابة تحت قدمي.
علمت في اليوم التالي أن خادمتي شهدت جريمة القتل. وارتعت لدى سماع اسم هايد قاتلا. بل لم أكن أدرك أن من التقيته في الممر كان سير دانفرز. كان غضب هايد شديدا حتى إنه ابتلع شخصية جيكل تماما. كان للجانب الشرير من شخصيتي - مستر هايد - اليد العليا على جسدي وعقلي.
عقدت العزم على أن أحيا حياة إنسان تائب، فبدأت أوالي الأعمال الخيرية، وواظبت على حضور الطقوس الكنسية وأحييت الصداقات القديمة. رجعت من العزلة بكامل قوتي، أصبحت إنسانا ولد من جديد. شعرت أنها معجزة أن أحظى بفرصة ثانية، ولم يكن لدي أدنى فكرة أن هذا لن يدوم.
وفي يوم من أيام الربيع الأولى، وفيما كنت أستمتع وحدي بقضاء بعض الوقت على مقعد في إحدى الحدائق، وأنصت إلى العصافير تزقزق على الأشجار وأشاهد الأطفال تلهو، إذ بموجة من الإعياء تجتاحني ورجفة عنيفة تهزني. ثم توقفتا تاركتين إياي فاقدا الوعي. شعرت بأن درجة حرارتي ترتفع. أغمضت عيني متمنيا أن يزول هذا الشعور أيضا. ومع ذلك شعرت بأن شيئا ليس على ما يرام، فإذ بجيشان مفاجئ من الطاقة يجتاحني. وشعرت بغضب يتملكني بسرعة. فتحت عيني مرة أخرى لأجد ملابسي بدت فضفاضة للغاية على حين غرة، ويدي نحيفة وشاحبة. مرة أخرى أصبحت إدوارد هايد.
أدركت أنه لا يصح لي أن أجلس في الهواء الطلق هكذا، فهايد رجل مطلوب للعدالة. أدركت أيضا أنني لا بد أن أحصل على الدواء. لم أستطع أن أتجه إلى الباب الأمامي ذلك لأن بول سيستدعي الشرطة حالما يراني، ولم أستطع الدخول من الباب الخلفي لأنني هشمت القفل والمفتاح. أدركت أنني سأحتاج إلى مساعدة أحدهم عندما خطر دكتور لانيون ببالي. فكتبت خطابا إلى لانيون أطلب منه أن يحضر لي الدواء. كنت متأكدا أنه سيفعل. لا بد أن تعرف أحداث تلك الأمسية الآن. ذكر لانيون أنه سيكتب إليك، لذا لن أكرر عليك القصة هنا. ومع ذلك عليك أن تتفهم أنني صدمت من ردة فعل لانيون. توقعت أن يحمى غضبه، لا أن يرتعد. ستلازمني ما حييت حقيقة أن هذه الصدمة هي التي أودت بحياته.
بدأ نوع جديد من الخوف يستحوذ علي؛ لم أعد خائفا من الشرطة وحدها، وإنما صرت مرعوبا من أنني قد أضطر أن أعيش بشخصية هايد. تمنيت لو كنت قد رأيت نهايته. لكن في اليوم التالي، وفيما كنت أسير عبر الفناء، اعترتني نوبات الألم المعتادة. تناولت جرعتين من الدواء ثم عدت إلى جسدي كدكتور جيكل. ثم بعدها بست ساعات، وفيما كانت أقرأ بجانب المدفأة، انتابني الخوف مرة أخرى، لذا تجرعت المزيد من الدواء. إذا غلبني النوم - ولو حتى كإغفاءة - أستيقظ دائما مستر هايد. كنت مرعوبا، وقد استنزفني هذا الرعب. وفيما ازداد جيكل وهنا، ازداد هايد قوة. واستهلكت أنا جيكل كل طاقتي في إجبار هايد على تناول الدواء. وخشيت ألا يصلح هذا لفترة أطول. ولم أعوض قط ما نقص من الملح المستخدم في الدواء. في أثناء تلك الآونة كنت أستخدم نفس المورد. بدأت أبحث عن المزيد. وكنت قد افترضت أن الكمية الأصلية التي كانت بحوزتي هي شكل نقي من أشكال الملح. من ثم بدأت أطلب من الصيادلة أنقى كمية لديهم. ومع ذلك لم تأت المادة المطلوبة قط، لذا كنت أرجعها جميعها إليهم. وعندئذ أدركت أن الكمية الأصلية التي كانت بحوزتي لم تكن مادة نقية أغلب الظن؛ قطعا كانت ممزوجة بمادة غير معروفة. إنها تلك المادة الغامضة، أو مزيجها بالملح، التي تحدث الأثر المطلوب.
مر قرابة الأسبوع منذ أن بدأت في كتابة هذا الخطاب، وأنا أعمل تحت تأثير آخر جرعة من الدواء. من المحتمل أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يسمح فيها لهنري جيكل أن يتكلم أو يسمع. أنا مضطر أن أنهي هذا الخطاب الآن، خشية أن يسيطر علي هايد قبل أن أحظى بالفرصة لغلق الخطاب ، فإذا رآه فسيمزقه قطعا. هذه هي ساعة موتي الحقيقية. بإنزالي قلمي وغلق خطاب اعترافاتي، سأكون قد أنهيت حياة هنري جيكل التعيس.
أسأل الله أن يرحمني.
دكتور هنري جيكل
صفحه نامشخص