جزیره رودس: جغرافیتها وتاریخها وآثارها، تلیها خلاصة تاریخیة عن اشهر جزایر بحر ایجه
جزيرة رودس: جغرافيتها وتاريخها وآثارها، تليها خلاصة تاريخية عن أشهر جزائر بحر إيجه
ژانرها
ومن جوامع المدينة الجامع المشهور باسم «بالق بازار جامعي» (جامع سوق السمك)؛ لأنه كان بجوار السوق المعد لبيع الأسماك.
وهذا الجامع كان دارا للقضاء في عصر الفرسان، وبني سنة 1375م وعلى واجهته نقوش جميلة، وفي أعلى الإيوان الكبير شارات الفرسان مرسومة رسما بديعا بالألوان.
ومن الجوامع الجديرة بالذكر جامع السلطان مصطفى، وجامع رجب باشا، وجامع الأغا، وجامع عبد الجليل، وأيلك محراب، وجامع الرئيس مراد، وهو خارج المدينة المسورة وسيأتي ذكره، أما الجامع الذي كان كنيسة باسم القديس يوحنا، وقد مر ذكره عند الكلام على استيلاء السلطان سليمان على رودس، فلم يبق له أثر؛ لأنه في سنة 1856م انقضت صاعقة على مئذنته واتصلت بمخبأ كان فيه كمية عظيمة من البارود من عهد الفرسان، فالتهب ودمر هذا الجامع و60 بيتا من البيوت التي كانت بجواره، وأباد من الخلق نحو 800 نفس. وذهب بعض المؤرخين إلى أن هذه النكبة نتيجة ما أتاه القائد «دامرال» الذي مر ذكره من الأمور التي أراد بها خذل الفرسان، ونصرة الجيش العثماني في أثناء حصار الجزيرة، وكان هذا القائد وقتئذ أمينا على الذخائر، فيظن أنه أخفى أمر البارود الذي كان في المخبأ المذكور ليوهم رؤساء الجيش بأن الذخيرة أوشكت أن تنفد، فتثبط همتهم وتضعف عزيمتهم، ويكفوا عن القتال.
وتجاه جامع السلمانية الدار التي بناها السلطان سليمان للفقراء (التكية) ويسميها الترك «الأمارة»، وعلى واجهتها لوح من الرخام مكتوب فيه بالخط الفارسي الجميل «إنما نطعمكم لوجه الله».
وبالقرب من هذا الجامع برج شاهق (يسمى برج الساعة) وهو من الآثار القديمة، وعليه ساعة كبيرة وضعت سنة 1268ه، في عهد السلطان عبد المجيد، وهذا رسمه:
وللإسرائيليين 6 معابد في الحي الخاص بهم، ويسميه الترك «يهودي محله سي»، وهو أجمل أحياء المدينة وأكبرها، وأكثر المساكن التي فيه كانت قصورا للفرسان (الشفاليه).
أما الكنائس والأديرة فجميعها خارج المدينة، بعضها في الضواحي وبعضها في القرى، وعددها 45 كنيسة (غير الكنيسة التي بنتها حكومة إيطاليا باسم القديس يوحنا) و15 ديرا. وأشهر الكنائس كنيسة العذراء في يكي مراش، والكنيسة المتروبولية في دسبوت مراش، وكلها للروم الأرثوذكس، وللكاثوليك كنيسة باسم العذراء في يكي مراش، وهي للرهبان الفرنسيين أنشئت سنة 1719م وتجدد بناؤها سنة 1849م.
أما دار الكتب (الكتبخانة) التي أوقفها المرحوم حافظ أحمد أغا للنفع العام بمدينة رودس؛ فتحتوي على 1500 مجلد أكثرها في التفسير والحديث والفقه والفرائض وعلم الكلام والتصوف، وبعضها في اللغة والأدب والتاريخ والطب والفلك وكلها مكتوبة بخط اليد، وفيها قليل من الكتب المطبوعة، ومن المخطوطات النفيسة الموجودة في هذه الكتبخانة الرسالة التي حوت أخبار حصار رودس، وقد أشرنا إليها في المقدمة، وهي باللغة التركية، ولم يذكر فيها اسم مؤلفها، ولهذه الرسالة ترجمة باللغة الفرنسية، وقد اعتمد عليها مؤرخو الإفرنج فيما رووه عن ذلك الحصار، ومنهم المسيو بيليوتي والآب كوتريه في التاريخ الذي ألفاه عن رودس، وقالا عن هذه الرسالة إنها تأليف حافظ أحمد، على أن اسم مؤلفها غير معلوم كما تقدم، أما حافظ أحمد فهو صاحب الكتبخانة، وقد أوقفها لمدينة رودس في سنة 1211ه ؛ أي بعد الفتح بنحو ثلاثة قرون، على أن من تصفح الرسالة المذكورة وما حوته من الوصف والتفصيل ير أن مؤلفها كان معاصرا للحوادث والوقائع التي رواها؛ فإنه وصفها وصف من رآها رأي العين. وفي أثناء مطالعاتي عثرت في الجزء الثالث من تاريخ آداب اللغة العربية، تأليف المرحوم جرجي زيدان، المطبوع في سنة 1913 صفحة 319 (عند ذكر الكتب الموجودة في الروملي والأناضول) على اسم رسالة عنوانها «الرسالة الفتحية الرادوسية»، تأليف رمضان طبيب السلطان سليمان القانوني، وهي عن فتح رودس، ومنها نسخة في مدينة باريس، ولعل هذا الطبيب هو مؤلف الرسالة الموجودة في رودس، والرسالة التي ورد ذكرها في تاريخ زيدان نسخة منها، وربما كانت هي بعينها، وقد ظفر بها المرحوم حافظ أحمد، وأوقفها مع سائر كتبه لمدينة رودس، ومما يؤيد ذلك الترجمة التي نشرها المسيو ترسيه
Tercier
من علماء فرنسا في المجلد 26 من صحيفة مجمع (أكادمية) الكتابات القديمة المطبوع في باريس سنة 1759م. فقد صدرها بهذا العنوان: «مذكرات رمضان عن فتح السلطان سليمان لجزيرة رودس في سنة 1522».
صفحه نامشخص