وساد صمت طويل. ومن بعيد كان طائر المينة يدعو في رتابة إلى الانتباه، انتباه إلى الجشع، وانتباه إلى النفاق، وانتباه إلى السخرية الرخيصة ... ثم سمعوا طرقا على الباب.
وقال ويل: ادخل. ثم التفت إلى مستر باهو وقال له: لنواصل هذا الحديث في وقت آخر.
وهز باهو رأسه قبولا.
وأعاد ويل قوله: ادخل.
ودخلت الغرفة فتاة في أواخر العقد الثاني من عمرها تخطو خطى رشيقة وترتدي في نصفها الأسفل ثوبا أزرق اللون وفي أعلى سترة من غير إزار تعري وسطها ولا تغطي إلا حينا بعد حين ثديين في استدارة التفاح، وعلى وجهها الأسمر الناعم ابتسامة تحية صداقة شديدة، وعلى جانبي الابتسامة غمازتان في خديها. وبدأت كلامها بقولها: أنا الممرضة آبو، «رادا آبو» ووقعت عينها على زائري ويل فأسرعت قائلة: عفوا، لم أكن أعرف ...
وأشارت إلى الراني في غير مبالاة.
أما مستر باهو فقد نهض قائما مجاملة منه وصاح في حماسة قائلا: الممرضة آبو. هذا الملاك الصغير المسعف من مستشفى شيفا بورام! يا لها من مفاجأة سارة!
وكان واضحا لويل أن المفاجأة لم تكن البتة سارة للفتاة.
وقالت دون أن تبتسم: كيف حالك يا مستر باهو؟ وسرعان ما التفتت إلى جهة أخرى وبدأت تشغل نفسها بأحزمة الحقيبة المصنوعة من القنب والتي كانت تحملها.
وقال مستر باهو: ربما نسيت يا صاحبة السمو أنني كان لا بد لي في الصيف الماضي من عملية جراحية. ثم قال على وجه التحديد: عملية فتق. وقد اعتادت هذه السيدة الشابة أن تأتيني كل صباح وتقوم بغسلي، وكان ذلك بالضبط في الثامنة وخمس وأربعين دقيقة. وبعد اختفائها كل هذه الشهور ها هي ذي الآن مرة أخرى!
صفحه نامشخص