وقال في إصرار: ليس من الصواب أن تزهو بما أنعم عليك في وجه هذه الكثرة من البائسين. هذه مباهاة وقحة، وإهانة مقصودة لبقية البشر، بل إن ذلك كفران بنعمة الله.
وتمتمت الراني في شغف شديد وقالت: الله، الله ... ثم فتحت عينيها وقالت: إن القوم هنا في بالا لا يؤمنون بإلهكم، ولا يعتقدون إلا في التنويم المغناطيسي وفي وحدة الوجود وفي الحب الذي لا تقيده حدود. وأكدت على هذه الكلمات في سخط واشمئزاز.
وقال ويل: ولذلك فأنت الآن تقترحين أن تجعليهم أشقياء أملا في أن يستردوا بذلك إيمانهم بالله. هذه طريقة للهداية، وربما أفلحت، وربما كانت الغاية تبرر الوسيلة. ثم هز كتفيه وأضاف قوله: ولكني أرى أن هذا الأمر سوف يحدث لامحالة، خيرا كان أم شرا، وبغض النظر عما يحسه أهل بالا إزاءه. وليس من الضروري أن يكون المرء من الأنبياء لكي يتكهن بأن موروجان سوف ينجح، فهو يعتلي موجة المستقبل. وموجة المستقبل هي من غير شك موجة البترول الخام. وبمناسبة الحديث عن الخامية وعن البترول (وهنا وجه نظره نحو الراني) إنني أعلم أنك على معرفة بصديقي القديم جو ألديهايد. - هل تعرف اللورد ألديهايد؟ - جيدا.
ثم أغمضت عينيها ثانية وابتسمت لنفسها وهزت رأسها في بطء وقالت: ولذلك كان صوتي الضعيف ملحا! لقد فهمت. وبنغمة أخرى سألته: كيف حال هذا الرجل العزيز؟
وأكد لها ويل أنه لا يزال على صفاته. - ويا لها من صفات نادرة. أنا أسميه الرجل صاحب الطائرة الورقية (قالت ذلك بالفرنسية ).
وتحير ويل وقال: صاحب الطائرة الورقية؟
وشرحت ما تعني وقالت: إنه يقوم بعمله هنا، ولكنه يمسك بخيط في يده، وفي طرف الخيط الآخر ترتبط الطائرة الورقية، وهي تحاول دائما أن تطير إلى أعلى وأعلى وإلى «الأعلى». وحتى وهو يؤدي عمله يحس الجذب الدائم إلى أعلى، يحس أن الروح في شد وجذب مع البدن. عجبا! رجل من رجال الأعمال، ومن أقطاب الصناعة؛ ومع ذلك فإن الشيء الوحيد الذي يهمه حقا هو خلود الروح.
وبزغ الضياء. لقد كانت هذه المرأة تتحدث عن إدمان ألديهايد للروحانية. فذكر تلك الجلسات الأسبوعية مع السيدة هاربوتل الأوتوماتية (التي تطلق لعقلها الباطن العنان يعبر عن نفسه، ومع السيدة بيم التي كان يسيطر عليها هندي كايوي يدعى باوبو) ومع الآنسة تيوك وبوقها المصقول الذي تخرج منه في همس له صرير كلمات كهنوتية يدونها بالخط المختزل السكرتير الخاص لجو وتقول: اشتر الإسمنت الاسترالي، ولا تنزعج لهبوط أسعار أطعمة الإفطار، تخل عن أربعين في المائة من أسهمك في المطاط واستثمر المال في شركة أ. ب. م وفي وستنجهاوس ...
وسألها ويل: وهل أخبرك عن ذلك السمسار الراحل الذي كان يعرف دائما موقف السوق في الأسبوع التالي؟
وقالت راني منغمسة في أفكارها: هذه مزايا روحية، مجرد مزايا روحية. ماذا كنت تتوقع غير ذلك؟ ومع ذلك فقد كان من المبتدئين فقط. وفي الحياة الراهنة التجارة هي عمله في الدنيا الذي يحاسب عليه «هورما». وقد كتب عليه أن يقوم بما أداه وما يؤديه وما سوف يؤديه. ثم أضافت مؤكدة بعدما توقفت قليلا وكأنها تصغي، ورفعت إصبعها ومالت برأسها وما سوف يؤديه - كما يحدثني صوتي الضعيف - يتضمن أشياء عظيمة وعجيبة هنا في بالا.
صفحه نامشخص