واستطرد الصوت قائلا: من الوادي الحار إلى الجبال الطلقة وبغير جهد.
نعم فلقد كان هناك «يونجفراو» ناصع البياض في زرقة السماء، وكان هناك «مونت روزا» ... - ما أنقى الهواء الذي تتنفسه، إنه صاف نقي مشبع بالحياة!
وتنفس بعمق فسرت في بدنه الحياة الجديدة. ثم هبت ريح خفيفة عبر الحقول التي كستها الثلوج، باردة على بشرته، لطيفة مستحبة، وقال الصوت وكأنه يردد ما يدور برأسه من أفكار ويصف ما يمارس من تجارب: البرودة، البرودة، النوم، ومن البرودة إلى مزيد من الحياة، ومن النوم إلى الرضى، إلى التكامل، إلى الهدوء الحي.
وبعد نصف ساعة عادت سوزيلا إلى غرفة الجلوس.
وقال لها حموها: خبريني، هل أفلحت؟
وأومأت برأسها بالإيجاب.
وقالت: حدثته عن مكان في إنجلترا، فطار إليه صوابه أسرع مما توقعت، وبعدئذ أعطيته بعض الإيحاءات عن حرارته ... - وعن ركبته كما أتعشم. - طبعا. - إيحاءات مباشرة؟ - لا، غير مباشرة؛ إنها دائما أفضل. وجعلته على وعي بصورة جسده، ثم جعلته يتخيل أن جسمه أضخم كثيرا مما هو عليه في واقع الحياة، وأن ركبته أصغر من حقيقتها. شيء صغير تافه يثور على ما هو أضخم منه وأفخم، ولم يعد هناك شك في من يفوز. ثم نظرت إلى ساعة الحائط وقالت: يا الله! لا بد أن أسرع وإلا تأخرت على طلابي في المدرسة.
الفصل الخامس
كانت الشمس في بداية شروقها عندما دخل الدكتور روبرت حجرة زوجته بالمستشفى، ووقعت عيناه على وهج برتقالي تقابله ظلال متعرجة للجبال المقابلة، واستحالت الرؤية فجأة إلى وهج على شكل قوس يخطف البصر يقع بين قمتين من قمم الجبال، ثم استكمل القوس شكل نصف الدائرة، واخترقت الحديقة التي تظهر من النافذة الظلال الطويلة الأولى، وأسهم النور الذهبية الباكرة. وعندما صوب نظره مرة أخرى نحو الجبال شهد الشمس المشرقة بكل بهائها الذي لا يحتمل.
وجلس الدكتور روبرت إلى جوار السرير، وأمسك بيد زوجته وقبلها. وابتسمت له ثم التفتت ثانية نحو النافذة.
صفحه نامشخص