الباب هو في اللغة المدخل الذي يتوصل به من داخل إلى خارج وبالعكس وفي الاصطلاح جملة من المسائل اعتبرت مستقلة ولامه للعهد الذكري وهو مبتدأ خبره متعلق المجرور بعده الأول نعت للباب في بيان الفرائض التي للصلاة جمع فريضة بمعنى مفروضة وتقدم معنى الفرض لغة وشرعا وهي أي الفرائض خمسة عشر فرضا وقياسه أن يقول خمس عشرة لأن المعدود مؤنث ولكن أراد التفنن بإرادة الفرض والفريضة وهما بمعنى واحد بعضها أي بعض تلك الفرائض خارجة عن ماهية الصلاة يعني يلزم أن يتقدم فعلها على الشروع في الصلاة وتسمى شروطا وبعضها داخلة في ماهية الصلاة بحيث أن الصلاة مركبة منها وتسمى أركانا أما الخارجة عن فعل الصلاة وهي شروطها فثمانية شروط الشرط الأول الوقت وهو سبب لوجوب الصلاة فإنها تضاف إليه وتتكرر بتكرره وذلك علامة السببية ولهذا قدمه على بقية الشروط واعلم أن وقت الفجر من طلوع البياض المنتشر في الأفق إلى قبيل طلوع الشمس والظهر من زوال الشمس إلى بلوغ ظل كل شيء مثليه عند أبي حنيفة وهو ظاهر الرواية وعليه متون المذهب وعندهما إلى بلوغ الظل مثله وهو قول الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم وليس منه ظل الاستواء على القولين والعصر من آخر وقت الظهر على القولين إلى غروب الشمس والمغرب من الغروب إلى غياب الشفق الأبيض عند أبي حنيفة في ظاهر الرواية وعندهما وفي رواية عن أبي حنيفة إلى غياب الشفق الأحمر وقد أفتى بعضهم بهذا القول تيسيرا على الناس ولابن نجيم المصري رحمه الله تعالى رسالة سماها رفع الغشا عن وقت العصر والعشا رجح فيها قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - في الوقتين ومشى على ذلك في كتابه البحر شرح الكنز ، ووقت الوتر وقت العشاء إلا أن الترتيب بينهما لازم يسقط بالمسقطات وهذا عند أبي حنيفة لأن الوتر عنده فرض وعندهما الوتر سنة فوقته بعد صلاة العشاء كركعتي الظهر ، والشرط الثاني طهارة البدن أي تنظيف بدن المصلي من الحدث بالماء المطلق ومن الخبث المانع بالماء وبكل مايع طاهر قالع وإن عفى قدر درهم من خبث مغلظ كثيف وعرض مقعر الكف من مغلظ رقيق وأدنى من ربع مطلق الثوب في المختار من مخفف رقيق والكشف يعتبر رقيقا كما بحثته في نهاية المراد شرح هدية ابن العماد وطهارة الحدث إما صغرى أو كبرى والصغرى هي الوضوء وأركانه غسل الوجه واليدين بالمرفقين والرجلين بالكعبين ومسح ربع الرأس وسننه النية وغسل اليدين إلى الرسغين والتثليث والتسمية والترتيب والموالات والسواك والمضمضة والاستنشاق ومسح كل الرأس والأذنين ومستحبه التيامن ومسح الرقبة ومن آدابه تخليل اللحية والأصابع والدلك وحفظ ثيابه من الماء المستعمل وتقديمه على الوقت لغير معذور وناقضه كل ما خرج من السبيلين وكل ما سال من غيرهما إلى ما يلحقه التطهير والقيء ملء الفم مما سوى بلغم ، ونوم غير متمكن وإغماء وجنون وسكر ولو من حشيشة وقهقهة مصلي بركوع وسجود إذا كان بالغا يقظان ، والطهارة الكبرى : هي الغسل وأركانه المضمضة والاستنشاق وغسل سائر البدن وسننه الوضوء والنية والدلك والتثليث وناقضه إنزال مني وإيلاج آدمي في أحد سبيلي مثله ورؤية مستيقظ منيا وانقطاع حيض ونفاس لا مذي وودي وإيلاج في بهيمة أوميتة أو صغيرة غير مشتهاة إلا إذا أنزل وإذا لم يقدر على استعمال الماء في الطهارتين تيمم بكل ما هو من جنس الأرض بضربتين للوجه واليدين مع المرفقين مستوعبا ناويا استباحة ما لا يحل إلا بالطهارة وينتقض التيمم بالقدرة على الماء الكافي لا بالردة وتمام هذه الأبحاث في المطولات ، والشرط الثالث طهارة الثوب أي ثوب المصلي والمراد جميع ما يتحرك بحركته من الخبث المغلظ المانع وكذلك المخفف وهو ما زاد على القدر المعفو عنه كما ذكرنا واعلم أن تطهير النجاسة التي إذا جفت ترى بزوال عينها ولو بمرة واحدة والتي لا ترى بعد الجفاف لا بد من غسلها وعصرها ثلاثا في المنعصر وتثليث الجفاف وهو انقطاع التقاطر في غيره ما لم يصب عليه الماء أو يغمس في الماء الجاري أو الحوض الكبير فإنه لا يحتاج مع ذلك إلى العصر ذكره والدي رحمه الله ، والشرط الرابع طهارة المكان أي مكان المصلي من الخبث على حسب ما ذكرنا والمراد مكان قدميه إذا وقف عليهما وإذا سجد فوضعهما في رواية ومكان قعوده ومكان جبهته إذا وضعها ومكان أنفه لا يأخذ من النجاسة قدر الدرهم فلا يلزم طهارته ومكان اليدين والركبتين تسن طهارته وقيل تجب وقيل تفترض للاختلاف في وجوب الوضع كما سنذكره ، والشرط الخامس ستر ربع عضو فأكثر من أعضاء العورة قدر أداء ركن فأكثر من جوانبه الأربعة وأعلاه لا من أسفله عن غيره لا عن نفسه بساتر لا يصف ما تحته ، وعورة الرجل من تحت سرته إلى تحت ركبتيه ومثله عورة الأمة والمدبرة والمكاتبة وأم الولد مع ظهرها وبطنها وجنبيها ، وعورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين إجماعا والقدمين في رواية ، والشرط السادس استقبال القبلة لم يقل الكعبة لان القبلة أعم وهو المطلوب فقبلة المكي الذي يعاين الكعبة عين الكعبة والمكي الذي لا يعاينها والآفاقي جهتها والذي اشتبهت عليه جهة تحريه والعاجز عن التوجه إليها جهة قدرته والخائف من العدو جهة عدوه والمتنفل على الدابة خارج المصر جهة دابته ، والشرط السابع النية بالقلب وهي قصد الدخول في المنوي وشرطها العلم به وجاز تقديمها على التكبير إذا لم يوجد بينهما عمل يدل على الإعراض عن المنوي والأصل المقارنة ولا يجوز التأخير في ظاهر الرواية ولا بد في الفرض من نيته بعد معرفة معناه الشرعي وقصده لله تعالى وتعيينه ظهرا مثلا ونية المقتدي المتابعة لا الإمام الإمامة بل تسن ولا عدد الركعات وفي الواجب لا بد من تعيينه لا السنن ولو تراويحا وسائر النوافل ويصح الأداء بنية القضاء وبالعكس ومصلي القضاء ينوي أول ظهر عليه مثلا لو أخره وقيل تكفيه نية ظهر مما عليه ، قال في جامع الفتاوى : وهو الأصح وأما ذكر النية باللسان فيما ذكرنا فلا تكفي دون القلب وهل تستحب أو تسن أو تكره أقوال اختار في الهداية الأول لمن لم تجتمع عزيمته وفي فتح القدير لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه التلفظ بالنية لا في حديث صحيح ولا ضعيف وزاد ابن أمير حاج أنه لم ينقل عن الأئمة الأربعة والشرط الثامن التكبيرة وهي عند أبي حنيفة كل جملة تدل على تعظيم الله تعالى ولو بغير العربية وقيل يجوز بمفرد من الأسماء المختصة بالله وعند أبي يوسف لا بد من الله أكبر والله الأكبر والله كبير أو الله الكبير والله الكبار فلو قال أكبر الله لا يجوز عنده ومحمد مع أبي حنيفة في كل ما أفاد التعظيم ومع أبي يوسف في عدم الجواز بغير العربية الأولى احترازا عن تكبيرات الانتقالات وتسمى التحريمة لأنها تحرم المباحات كالأكل والشرب والكلام وشرطها تصحيح النطق بها وسماعها إلا لصمم أو ضجة أو خرير ماء أن لا يقصد بها التعجب من شيء وأن يكون قائما ولو حكما والأخرس تكفيه النية وأما الفرائض الداخلة في فعل الصلاة وهي أركانها فسبعة الركن الأول القيام مقدار فرض القراءة في ركعتي الفرض وجميع الواجب والنفل وقدر تسبيحه في باقي الفرض بحيث لو مد يديه لا ينال ركبتيه في فرض وواجب لقادر عليه ولو على أحد قدميه أو عقبيه أو أطراف أصابعه وجاز تركه في النوافل والسنن إلا سنة الفجر في رواية والركن الثاني القراءة وهي آية عند أبي حنيفة ولو قصيرة مركبة من كلمتين أو بعض آية طويلة لا نصف آية مكررة وعندهما ثلاث آيات قصار أو آية طويلة ولو كرر القصيرة ثلاثا ففيه روايتان ويشترط سماع ذلك كما ذكرنا في التكبيرة والأمي والأخرس يقف ساكتا وجازت القراءة بغير العربية للعاجز عنها وهي فرض إلا على مقتدي في ركعتي فرض وجميع واجب ونفل والركن الثالث الركوع وأدناه مطلق الانحناء والأحدب يومئ برأسه كالعاجز عنه والرابع السجود بوضع الجبهة والأنف على ما يجد حجمه واختلف في وضع اليدين والقدمين والركبتين والأحوط الوضع لزوما في الأول والركن الخامس القعدة وهي ما ليس بقيام وركوع فيشمل القرفصاء وغيرها من هيئات القعود كما لا يخفى الأخيرة أي التي في آخر الصلاة مقدار قراءة التشهد من غير سرعة ولا بطء سواء تمت به الصلاة كقعدة الفرض أو المشروع فيه كالنفل إلا أن النفل لا يبطل بتركها في مصلي الأربع استحسانا والركن السادس الترتيب في فروض الصلاة المذكورة كتقديم القيام على الركوع والركوع على السجود فيما أي فرض اتحدت أي صارت واحدة شرعيته أي بيانه من الله تعالى والمراد في كل فرض لا يتكرر في كل ركعة كما ذكرنا بخلاف السجود فإنه يتكرر في كل ركعة مرتين فالترتيب بين السجدتين واجب لا فرض أو اتحدت شرعيته ولم يتكرر في جميع الصلاة كالقعدة الأخيرة فيفترض تقديم جميع الأركان عليها والركن السابع الخروج من الصلاة بفعل المصلي سواء كان ذلك الفعل طاعة أو معصية ولا يقال كيف تكون المعصية فرضا لأن المراد أن الخروج بها هو الفرض لا حقيقة فعلها كما أن الوضوء بالماء المسروق فرض تصح به الصلاة وإن كان إتلاف مال الغير معصية فتأمل وهذا عند أبي حنيفة خلافا لهما والصحيح أنه ليس بفرض اتفاقا ورجحه الزيلعي .
صفحه ۱۳