جوهر انسانیت

زینب کاتیف d. 1450 AH
171

جوهر انسانیت

جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف

ژانرها

13

كما أن محصولها من الفول السوداني يبلغ 900 كيلوجرام للهكتار، أما المتوسط العالمي فيقدر بنحو 1500 كيلوجرام للهكتار، ويصل محصول الولايات المتحدة الأمريكية إلى 3 آلاف كيلوجرام للهكتار. تحدث كثير من هذه التفاوتات بسبب مشكلات المناخ بالإضافة إلى الاختلافات في الكفاءة الزراعية، إلا أن هذا يجعل البحث عن بذور جديدة، تقاوم الجفاف مثلا، أكثر إلحاحا. تتمثل إحدى الصعوبات الأخرى التي تعاني منها الهند - مثل ورثة الاتحاد السوفييتي - في إهدار منتجاتها وفسادها؛ فيفقد من 20 إلى 30٪ من الفاكهة والخضراوات حتى قبل وصولها إلى السوق. فإذا استطاعت التعديلات الجينية زيادة المحصول وتقليل الخسارة، ألن يكون استغلاها هدفا يستحق العناء؟ أصبحت مثل هذه التحسينات في علم الزراعة ممكنة حاليا، ومن غير الملائم بالتأكيد أن يقنع المجادلون الجاهلون بالموضوع الشعب بوجه عام بتجاهل إنجازات العلماء. (3) مخاطر تناول أطعمة معدلة جينيا على الصحة

ظهرت شكوك بشأن سلامة النباتات المعدلة جينيا. إلا أن تحسين جودة المحاصيل باستخدام الهندسة الحيوية - لمقاومة الصقيع أو الجفاف، والفساد أو الأمراض، والحشرات أو الحشائش الضارة - لا يختلف كثيرا عن تهجين النباتات أو الماشية الذي مارسه الإنسان منذ 10 آلاف سنة؛ فالفلسفة واحدة. ويتمثل الاختلاف الوحيد في أن تقنية إنتاج أطعمة وحيوانات معدلة جينيا تعتمد على إدخال جينات معينة، ندرك وظيفتها، في كائن آخر. أما تقنية التهجين فتتمثل في خلط الجينات دون أي معرفة بالنتيجة. يستغرق استيلاد أجيال جديدة من الحيوانات أو النباتات سنوات عديدة؛ أما إدخال جين في بويضة حيوان أو بذرة نبات فيستغرق أقل من ساعة. وأرى أن تغيير جينات النباتات بطريقة أو بأخرى يكون أقل دمارا للصحة من تناول أطعمة نمت في حقول رشت بمبيدات حشرية.

إذا كان إدخال الجينات في أحد الكائنات أكثر فاعلية في تغيير تركيبه الجيني من عملية التهجين التقليدية، فلماذا كل هذه الجلبة؟ حسنا، أولا يقول المنتقدون إن ثمة خطورة من أن المحصول المعدل جينيا، سواء أتى إلى طاولتك في صورة شريحة من الخبز أو قطعة بطاطس مخبوزة أو معجون طماطم أو وعاء من الأرز، سيصيبك بالمرض. لماذا؟ فإذا كان الجين الذي أدخل هو أحد جينات القمح أو البطاطس أو الطماطم أو الأرز، فإن خطر الإصابة بالمرض جراء أكل هذه الأطعمة لا يزيد عنه عند تناول خبز أو بطاطس أو طماطم أو أرز غير معدل. أما إذا أدخل جين غريب، لميكروب مثلا، فإن الخطر يكون أكثر لكنه يظل ضئيلا للغاية، لماذا؟ لأن الجين هو جزء من الدي إن إيه، وهو ينتج البروتين. يوجد الدي إن إيه والبروتينات في كل الأطعمة وتفكك إلى منتجات غير ضارة - النيوكليوسيدات في حالة الدي إن إيه، والأحماض الأمينية في حالة البروتينات - قبل امتصاصها في مجرى الدم. تشبه نيوكليوسيدات الجراثيم وأحماضها الأمينية - والخاصة بالنباتات أيضا - تلك الموجودة لدى الإنسان وكافة الحيوانات الأخرى. وأما ما يجعل أحد جزيئات الدي إن إيه أو البروتين مختلفا عن غيره فهو ترتيب النيوكليوسيدات داخل الدي إن إيه ، وترتيب الأحماض الأمينية داخل البروتين. ومن الصحيح أنه في بعض الأحيان يصيبنا بروتين غريب على أجسامنا، مثل ذلك المأخوذ من أحد النباتات أو الجراثيم، بالمرض بسبب الاستجابة المناعية قبل تحلله بالكامل داخل الجهاز الهضمي. وثقت ردود الفعل التحسسية من هذا النوع لبروتينات توجد في أطعمة، مثل الفول السوداني والشكولاتة ، أو منتجات مصنوعة من القمح، جيدا؛ فهي تحدث لبعض الأشخاص أكثر من البعض الآخر. ومع ذلك، حتى الآن لا يبدو أنه جرى تسجيل ردود فعل تحسسية تجاه بروتين صنعه جين أدخل عن قصد في أحد النباتات. إن آلية إحداث رد فعل مناعي من خلال بروتين في الأمعاء تماثل، بالمصادفة، طريقة عمل اللقاحات الشفهية، مثل لقاح شلل الأطفال. وللأسف، تتكون معظم اللقاحات الأخرى من بروتينات لا تعمل على هذا النحو؛ ومن ثم لا بد من أخذها عن طريق خدش الجلد أو الحقن في مجرى الدم حتى تكون فعالة؛ ليت الأمر كان بخلاف هذا.

إن الجراثيم التي لا تتحلل في الأمعاء هي الجراثيم المتماسكة والمعدية؛ هذا لأن لديها طبقة واقية من جزيئات خاصة تغطيها. هذه الجراثيم، مثل البكتيريا الإشريكية القولونية والسالمونيلا تيفيموريم، هي التي تسبب التسمم الغذائي. أما الجراثيم الأخرى، مثل بكتيريا الضمة الكوليرية والبكتيريا الوتدية الخناقية، فتؤدي إلى أمراض أسوأ. في كل حالة يكون من الضروري هضم الجرثومة بأكملها، وليس أحد بروتيناتها أو حمضها النووي، حتى تسبب المرض. ويعتبر خطر الإصابة بالمرض من تناول أطعمة معدلة جينيا أقل بكثير من خطر تناول طعام بدأ يفسد بسبب تلوث جرثومي. في الواقع، إن الهدف من أحد أنواع الطماطم المعدلة جينيا هو زيادة عمرها التخزيني؛ أي الفترة السابقة على بدء فسادها. تذكر أن معظم الأطعمة، مهما كانت طازجة، تحتوي على بعض البكتيريا فيها، ويحدد فحسب المعدل الذي تبدأ فيه بالتكاثر تاريخ «صلاحيتها». إذن هل من الآمن تناول الأطعمة المعدلة جينيا؟ أنا أعتقد أنها آمنة مثل أي طعام آخر. زاد إنتاج الأطعمة المعدلة جينيا من 1,6 مليون هكتار تزرع في جميع أنحاء العالم منذ بضعة أعوام إلى 40 مليون هكتار مع مطلع هذا القرن. ومنذ ذلك الحين يتناولها الناس يوميا في جميع أنحاء كندا والولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك والصين وأستراليا، دون الإبلاغ عن أي آثار جانبية حتى الآن. ومن جانبي أنا مستعد للانضمام إليهم وتناول أي أطعمة معدلة جينيا من أي نوع تحدثنا عنه تريد تقديمه لي .

على العكس من ذلك، قد يكون تناول أطعمة معدلة جينيا معينة مفيدا للصحة. يكفينا ذكر ثلاثة أمثلة عن هذا. فيساعد مركب يسمى بيتا-كاروتين، يوجد في الجزر وخضراوات أخرى، في منع الإصابة بالعمى لأنه يتحول داخل الجسم إلى فيتامين «أ»، وهو جزيء يلعب دورا مهما في عملية الإبصار. يقال أيضا عن البيتا-كاروتين إنه يقوي جهاز المناعة ويقاوم مرض القلب والسرطان. تحتوي الطماطم، التي تعتبر أحد أكثر أنواع الخضراوات التي يتناولها الناس على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، على كميات قليلة نسبيا من البيتا-كاروتين، ويمكن عن طريق التلاعب الجيني زيادة محتواها من البيتا-كاروتين ثلاثة أضعاف، وبمجرد أن يصبح هذا النوع من الطماطم متاحا تجاريا، سيمثل «غذاء صحيا» حقيقيا. وبدلا من تعزيز البيتا-كاروتين لماذا لا ندخل فيتامين «أ» نفسه في الأطعمة الشائعة؟ نحصل في الوقت الحالي على فيتامين «أ» بالأساس من تناول منتجات الأسماك باهظة الثمن، مثل زيت كبد الحوت. ونظرا لأن الأرز يمثل أحد الأطعمة الأساسية لدى نصف سكان العالم تقريبا، فإنه يمثل أحد الأهداف الواضحة. سيكون تعديل الأرز حتى ينتج فيتامين «أ» أمرا ملائما للغاية بسبب ارتفاع نسبة العمى في أجزاء من آسيا يزرع الأرز فيها ويتناوله الناس؛ فيصاب نحو ربع مليون طفل في جنوب شرق آسيا بالعمى نتيجة لنقص فيتامين «أ». ومن ثم فإن التقرير الذي يقول إن العلماء تمكنوا من إنتاج نوع من الأرز يحتوي على بروفيتامين «أ»، وهو جزيء يتحول بسهولة إلى فيتامين «أ» في الجسم، يبدو مشجعا. ومع ذلك، من ناحية فاعلية التكلفة، يصعب التغلب على جرثومة تدعى «سبيرولينا» تنمو في البرك الموجودة في المنطقة الاستوائية؛ فلا يكلف نمو هذا الكائن فعليا أي شيء، وعند إعطاء بضعة جرامات مجففة منه لطفل يعاني من حالة شديدة من سوء التغذية يحصل على كل مقدار فيتامين «أ» - بالإضافة إلى الحديد واليود وفيتامين «ب

12 » وغيرها من المغذيات الزهيدة المقدار - الذي يحتاج إليه حتى يتماثل للشفاء تماما. يتعلق مثالي الثالث بالداء البطني «حساسية القمح»، وهو اضطراب في الجهاز الهضمي يصيب عددا يصل إلى فرد واحد في كل 300 فرد في دول العالم المتقدم (لا نعرف الأرقام في الدول النامية). ينتج هذا المرض من تناول بروتين يدعى الجلوتين يوجد في الأطعمة المصنوعة من الشعير والقمح والجاودار (لكن ليس المصنوعة من الأرز أو الذرة). يتسبب هذا البروتين لدى المصابين بالحساسية من الجلوتين في رد فعل مناعي (تحسسي)، يؤدي إلى تدمير الخلايا المعوية. قد يكون رد الفعل تجاه الجلوتين شديدا؛ فإن تناول قطعة واحدة من البسكويت الرقيق كل أسبوع يكفي لإصابة الأطفال المصابين بهذه الحساسية بالقيء والإسهال. ويتمثل أحد سبل التغلب على هذه المشكلة في إزالة مادة الجلوتين من الأطعمة الشائعة (وقطع البسكويت الرقيق)؛ وهذا عمل شاق ومكلف. وربما يكون لتغيير تركيب الحبوب المزروعة باستخدام التعديل الجيني بحيث تحتوي على بروتين الذرة غير السام بدلا من جلوتين القمح السام، فائدة واضحة على قطاع عريض من الناس؛ ويجري حاليا العمل على مثل هذه التجارب. (4) أخطار الأطعمة المعدلة جينيا على البيئة

تتمثل الحجة البيئية المناهضة لانتشار الأطعمة المعدلة جينيا فيما يلي. هذه التكنولوجيا الجديدة «غير طبيعية» ولهذا السبب وحده لا بد من تحجيمها؛ فالطرق العضوية في الزراعة هي التي لا بد لنا من تشجيعها. لاحظ أن كلمة «عضوي» كانت تعني في الأصل غياب الملوثات غير العضوية، مثل النترات، وتجنب الأسمدة غير العضوية، مثل فوسفات الأمونيوم. أما الآن فقد اتسع استخدام الكلمة لتستثني أي منتجات مصنعة، مثل قاتل صناعي للحشائش الضارة أو مبيد للحشرات، بصرف النظر عن حقيقة أن مثل هذه العوامل هي جزيئات عضوية، وليست غير عضوية. الأهم من هذا، يوجد تناقض واسع النطاق في تعريف الأطعمة العضوية؛ ففي المكسيك يمكن تسميد المحاصيل بمياه الصرف الصحي البشري واعتبارها عضوية؛ أما في أماكن أخرى فلا يمكن أن يحدث هذا. وفي المملكة المتحدة يمكن إعطاء الخنازير مضادات حيوية واعتبارها عضوية، لكن لا ينطبق هذا على الدجاج، وهكذا. ورغم هذه التناقضات، لا يوجد عيب في الهدف العام المتمثل في محاولة تغذية العالم على محاصيل مزروعة عضويا. تتمثل المشكلة الوحيدة في عدم نجاح هذا الأمر؛ فتكون المحاصيل أقل حجما والتكلفة أكثر ارتفاعا.

14

تمثل الزراعة العضوية رفاهية تتمتع بها الطبقات الثرية في غرب أوروبا (يزرع 3 ملايين هكتار)، وفي أستراليا (1,7 مليون هكتار)، والولايات المتحدة الأمريكية (مليون هكتار)، وربما تحقق العودة إلى استخدامها نجاحا على نطاق عالمي - بالطبع كانت أساليب الزراعة كلها في الأصل عضوية - فقط إذا كان تعداد السكان في العالم في حالة انخفاض حاد. إلا أنه يشهد بدلا من ذلك ارتفاعا مستمرا (رغم أنه ربما ليس بالسرعة المتصورة في وقت ما). وحتى المؤيدون للزراعة العضوية تساورهم بعض الشكوك. إليك ما قاله أحد المؤيدين النموذجيين: «استقلت في العام الماضي من منظمة السلام الأخضر بسبب غضبي من إصرارهم بتزمت على أن كل الأشياء المعدلة جينيا سيئة والأشياء العضوية جيدة ... فقد اشتريت مؤخرا بعض من عيدان الكرفس العضوية باهظة الثمن للغاية ورميت معظمها لأنها كانت مليئة باليرقات التي أكلت نصفها. لم أكن أقدر على إعادتها وإخبارهم بأنهم كان يجب عليهم استخدام المزيد من المبيدات الحشرية، أليس كذلك؟» على أي حال، تحتوي النباتات على مبيدات حشرية «طبيعية» - وهي جزيئات تدافع عنها ضد المفترسات - توجد في الطعام سواء كان مزروعا عضويا أم لا؛ وقد خضعت نصف هذه الجزيئات لاختبارات لاحتمال كونها مواد مسرطنة وثبت هذا بالفعل. مرة أخرى، اتضح أن أكثر من نصف مكونات القهوة المحمصة التي خضعت للاختبار لديها خصائص يحتمل تسببها في الإصابة بالسرطان. بالطبع بوجه عام يكون تركيز هذه الجزيئات في الطعام الذي نتناوله منخفضا للغاية بحيث لا يسبب مشكلة، لكن الخطورة تظل موجودة.

صفحه نامشخص