يتولد عن العلم من الأسرار الغامضة، أكثر مما يكشف لنا منها. (6) المادة
2
ظنوا قديما أن المادة لا تفنى، وهي تزول على مهل بتفكك ذراتها المستمر.
من متحصل تحول المادة عن ماديتها ما له خواص تجعله وسطا بين الأجسام القابلة للوزن وبين الأثير الذي لا يقبله، وهما أمران كان العلم يفرق بينهما تفريقا كليا إلى هذا العصر.
ظنوا قديما أن المادة جامدة لا تصدر منها إلا قوة تكون قد اكتسبتها من قبل، والواقع أنها مصدر هائل للقوة المسماة القوة الكامنة في الذرات، وتلك القوة قابلة للانتشار بذاتها.
أغلب قوات الكون وعلى الأخص الكهربائية وحرارة الشمس آتية من القوة الكامنة في الذرات والتي تنتشر من تحلل المادة.
القوة والمادة صورتان لشيء واحد، فالمادة صورة من صور القوة الكامنة في الذرات وهي أكثر استقرارا، والحرارة والضوء والكهربائية وما هو من نوع ذلك صورة ثانية لتلك القوة ولكنها أقل استقرارا.
فصل الذرات بعضها عن بعض، أو بعبارة أخرى إفقاد المادة ماديتها، عبارة عن تحويل صورتها المستقرة إلى صورها غير المستقرة المسماة: كهرابائية أو ضوءا أو حرارة أو غير ذلك.
توازن القوى الهائلة المتجمعة في الذرات علة استقرارها ذلك الكبير، غير أنه يكفي الإخلال بهذا التوازن بواسطة جوهر كشاف مؤثر لتأخذ تلك الذرات في التفرق والانفكاك، ومن هنا نرى الأجزاء السطحية من جسم ما تتفكك بتأثير بعض الأشعة الضوئية.
لما كان الضوء والكهربائية وأكثر القوى المعروفة متولدة من تحول المادة، صح أن الجسم متى تشعع فقد جزءا من جرمه بمجرد هذا التشعع، فإذا استطاع أن يشعع قوته كلها تفانى بتمامه في الأثير.
صفحه نامشخص