303

جواهر حسان در تفسیر قرآن

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

ژانرها

وقوله سبحانه الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الآية هذه ألفاظ أخرجت اليهود والنصارى من الاشتراك الذي يظهر في قوله فسأكتبها للذين يتقون وخلصت هذه العدة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم قاله ابن عباس وغيره قلت وهذه الآية الكريمة معلمة بشرف هذه الأمة على العموم في كل من آمن بالله تعالى وأقر برسالة النبي صلى الله عليه وسلم ثم هم يتفاوتون بعد في الشرف بحسب تفاوتهم في حقيقة الاتباعية للنبي صلى الله عليه وسلم قال الغزالي رحمة الله في الأحياء وإنما أمته صلى الله عليه وسلم من اتبعه وما أتبعه إلا من أعرض عن الدنيا وأقبل على الآخرة فإنه عليه السلام ما دعا إلا إلى الله واليوم الآخر وما صرف إلا عن الدنيا والحظوظ العاجلة فبقدر ما تعرض عن الدنيا وتقبل على الآخرة تسلك سبيله الذي سلكه صلى الله عليه وسلم وبقدر ما سلكت سبيله فقد اتبعته وبقدر ما اتبعته صرت من أمته وبقدر ما أقبلت على الدنيا عدلت عن سبيله ورغبت عن متابعته والتحقت بالذين قال الله تعالى فيهم فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى انتهى فإن أردت إتباع النبي صلى الله عليه وسلم على الحقيقة واقتفاء أثره فأبحث عن سيرته وخلقه في كتب الحديث والتفسير قال ابن القطان في تصنيفه الذي صنفه في الآيات والمعجزات والقول الوجيز في زهده وعبادته وتواضعه وسائر حلاه ومعاليه صلى الله عليه وسلم أنه ملك من أقصى اليمن إلى صحراء عمان إلى أقصى الحجاز ثم توفي عليه السلام وعليه دين ودرعه مرهونة في طعام لأهله ولم يترك دينارا ولا درهما ولا شيد قصرا ولا غرس نخلا ولا شقق نهرا وكان يأكل على الأرض ويجلس على الأرض ويلبس العباءة ويجالس المساكين ويمشي في الأسواق ويتوسد يده ويلعق أصابعه ويرقع ثوبه ويخصف نعله ويصلح خصه ويمهن لأهله ولا يأكل متكئا ويقول أنا عبد آكل كما يأكل العبد ويقتص من نفسه ولا يرى ضاحكا ملء فيه ولو دعي إلى ذراع لأجاب ولو اهدي إليه كراع لقبل لا يأكل وحده ولا يضرب عبده ولا يمنع رفده ولا ضرب قط بيده إلا في سبيل الله وقام لله حتى ورمت قدماه فقيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال أفلا أكون عبدا شكورا وكان يسمع لجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء إذا قال بالليل صلى الله عليه وسلم على آله وأتباعه صلاة دائمة إلى يوم القيامة انتهى وقال الفخر قوله تعالى الذين يتبعون الرسول الآية قال بعضهم الإشارة بذلك إلى من تقدم ذكره من بني إسرائيل والمعنى يتبعونه باعتقاد نبوته من حيث وجدوا صفته في التوراة وسيجدونه مكتوبا في الإنجيل وقال بعضهم بل المراد من لحق من بني إسرائيل أيام النبي صلى الله عليه وسلم فبين تعالى أن هؤلاء اللاحقين لا تكتب لهم رحمة الآخرة إلا إذا أتبعوا النبي الأمي قال الفخر وهذا القول أقرب وقوله يجدونه أي يجدون صفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ففي البخاري غيره عن عبد الله بن عمرو أن في التوراة من صفة النبي صلى الله عليه وسلم يا أيها النبي أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يجزئى بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله فنقيم به قلوبا غلفا وآذانا صما واعينا عميا وفي البخاري فيفتح به عيونا عمياء وآذانا صما وقلوبا غلفا ونص كعب الأحبار نحو هذه الألفاظ إلا أنه قال قلوبا غلوفا وآذانا صموما

صفحه ۵۹