وإذا لم تجد إليه سبيلا ... زر حماه بالوصف والأخبار ... ومنها: اللعنة والوعيد الشديد لمن أخاف أهلها، أو ظلمهم، وإن من أرادها وأهلها بسوء أذابه الله تعالى كما يذوب الملح، وعنه عليه وعلى آله الصلاة والسلام: ((ما من مسلم يسلم عليه في شرق أو غرب إلا أنا وملائكة ربي ترد عليه السلام)) فقيل له : فمال أهل المدينة؟ فقال: ((وما يقال لكريم في جيرانه وجيرته، إن مما أمر به من حفظ الجوار، وحفظ الجار)). قال بعضهم: تأكدت وصيته صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ((حقيق على أمتي حفظ جيراني)). وقوله: ((لا يزال جبريل يوصيني بالجار)) ولم يخص جارا دون جار، وفهم منه أن سكان بلده قريبهم وبعيدهم، حاضرهم، وغائبهم، مليهم وعاجزهم على حد سواء في استحقاق الرعاية من حيث الجوار، وإنما التفاضل بالتقوى، وحسن الأدب، فنسأل الله تعالى كما من علينا بنعمة الإسلام، وخصنا بجوار نبيه عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى السلام أن يوفقنا لسلوك الأدب في هذا المقام، وأن يرزقنا والمسلمين شفاعته في يوم الزحام، وأن يلهم من ولي شيئا من أمورنا الرفق بنا، وحسن القيام. ويروى عن مالك - رحمه الله تعالى - أنه دخل على المهدي فقال له: أوصيك بتقوى الله، والعطف على أهل بلد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجيرانه، فإنه بلغنا خبر أنه قال: ((المدينة مهاجري، ومنها مبعثي، وبها قبري، وأهلها جيراني، وحقيق على أمتي حفظ جيراني، فمن حفظهم كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة، ومن لم يحفظ وصيتي في جيراني سقاه الله من طينة الخبال)).
... وما أحسن ما قال:
لي فيك يا ربع الحبيب معاهد ... قلبي المقيم على العهود موددا
صفحه ۲۶