وقال آخر :
يقولون لي دار الأحبة قد دنت
وأنت كئيب إن ذا العجيب
وأقول كما قال المتقدم :
صبرا إن ذاك الحسن عني محجب
أليس [بزيادة شرف (1) تشهد الصبا]
وما أحسن ما قال :
وإني لمشتاق إلى أرض طيبة
وإن خانني بعد التفرق إخواني
وبالجملة فكل مقصور على سربه وذوقه ، الناتج عن حبه وشوقه وكان يقال. لا يفتح القال العيوب إلا من سلم من العيوب وإما من عرى عن الكشف والشهود ، واستنطاق ضمائر صحائف الوجود فحرام عليه التفكر في الآثار الكونية والأسرار اللدنية ، فليلزم لسان الاعتراض ولا يبرز رعونات الأغراض ، فإنه يخشى عليه سلب السابقة في عالم الأرواح والخاتمة في عالم الأشباح ، وليرجع إلى نقض فطرته وقصور باعه في ميدان حكمته ، فلا يشهد حقيقة الكمال ، ولا يظفر من أبكار المعاني بلذة الوصال ، وليقل بلسان التسليم ( وفوق كل ذي علم عليم ) [يوسف : 76].
وقال ابن رافع رأس في شذور الذهب :
وحظ العيون الرمد من نور وجهها
لسدته خط العيون العوامش
والحمد لله الذي أطلع من اجتباه من عباده الأبرار على خبايا الأسرار ، وأسمع من ارتضاه من أصفيائه الأخيار من الغيب تغريد سواجع (3) قضايا الأقدار ، وأودع قلوبهم من جواهر المعرفة ما تحتار عيون البصائر والأبصار ، وأطمع نفوسهم من إحراز رموز كنوزها بيد الإظهار من سجف (4) حجب الأستار الذي قدر حكم أحكامه وكل شيء
صفحه ۳۳