أو من قولهم عذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم، فهو عاذب وعذوب، وبناء على ذلك فالتعذيب أصله حمل الانسان على أن يعذب أي يجوع ويسهر.
وقيل: هو مأخوذ من العذب والعذوبة، وعليه فمعنى التعذيب إزالة عذوبة حياة المعذب، كما يقال مرضته أي أزلت مرضه، وقذيته أي أزلت قذاه.
وقيل: أصل التعذيب إكثار الضرب بعذبة السوط، أي طرفه، وبناء على ما تقدم فالعذاب رديف النكال ويراد بهما العقاب.
وقيل: إن العذاب أعم منهما، فهو يشمل ما يلم بالنفس أو الجسم من الألم سواء كان رادعا عن العصيان أم غير رادع.
أما النكال والعقاب، فلا يكادان يطلقان إلا على ما يردع.
والعظيم قيل هو كالكبير، وقيل فوقه لأنه يقابله الحقير، ويقابل الكبير الصغير، والحقير أدنى من الصغير، فيلزم أن يكون العظيم أعلى من الكبير.
واستشكل ذلك مع قوله تعالى في الحديث القدسي:
" الكبرياء ردائي والعظمة إزاري "
حيث جعل تعالى الكبرياء في مقام الرداء والعظمة في مقام الازار، مع أن الرداء أرفع من الازار، ويترتب عليه كون الكبرياء أرفع من العظمة، ويندرىء هذا الاشكال باعتبار أن المراد من هذا الحديث القدسي بيان اختصاص الله تعالى بالكبرياء والعظمة، كاختصاص أحدنا بردائه وإزاره، وليس المراد منه بيان التفاضل بين الصفتين، ولو قلنا بالتفاضل لاعتبرنا ما كان في محل الازار أكثر اختصاصا لأن ملابسة الازار لصاحبه أكثر من ملابسة الرداء عادة، ويغنيك هذا الجواب عما ساقه الألوسي من الأجوبة كقوله بأن ما ذكر خاص بما إذا استعمل الكبير والعظيم في غيره تعالى، أو فيما إذا خلا الكلام عن قرينة تقتضي العكس، أو أنه سبحانه جعل العظمة وهي أشرف من الكبرياء إزارا لقلة العارفين به جل شأنه بهذا العنوان إذا ما قيسوا إلى عارفيه بعنوان الكبرياء: فلقلة أولئك كانت إزارا، ولكثرة هؤلاء كانت رداء، ولا يخلو جواب مما ذكره من التكلف والتعسف الظاهرين، ولا يستند شيء منها إلى دليل عقلي أو نقلي.
والعظمة تكون حسية، وذلك إذا وصفت بها الأجسام، ومعنوية إذا وصفت بها الأسماء الدالة على المعاني.
صفحه نامشخص