مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أوضح في كلامه سبيل الهداية، وأطلع في ملاك القلوب من مشارق النصوص أقمار الولاية، ومحى بأكف النبوة والإمامة آيات الضلال والغواية، وفتح بأحاديث الأئمة المعصومين عليهم السلام أبواب العلم والدراية، وفجر لأهل التسليم والانقياد ينابيع الحكمة فأنقذهم من العماية، فرووا علومهم عن العلماء عن الأئمة الأمناء عن النبي المصطفى صلى الله عليه وآله النجباء، عن الجناب المقدس الإلهي فأكرم برواة تلك الرواية والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله ذوي الذوات القدسية، والكمالات العلية، والكرامات الجلية صلاة وسلاما دائمين ما در شارق أو لاح بارق.
وبعد فيقول الفقير إلى الله الغني محمد بن الحسن الحر العاملي عامله الله بلطفه الخفي.
لا يخفى ما لكلام الله سبحانه من المزية على كل كلام فمنه تظهر أنوار الرشاد ظهور الأنوار من الأكمام، وبه تجلت شمس الهدى من أفق النبوة - على صاحبها الصلاة والسلام - فهو جدير بصرف الهمم إليه واقبال القلوب والافهام عليه. وقد وردت جملة منه يرويها العلماء الأخيار عن الأئمة الأطهار عن النبي المختار.
صفحه ۳
- عليه وعليهم السلام - عن الذات المقدسة الإلهية، وهي المشهورة بالأحاديث القدسية، غير أني لم أجدها مجموعة في كتاب، ولا تعرض لتأليفها فيما أعلم أحد من الأصحاب، فأحببت إفرادها بالتأليف وجمع شملها في كتاب لطيف يجمع المهم من أحكام الايمان ويقمع بمواعظه البالغة رؤس مكايد الشيطان، ويفضل على غيره بقوة الدليل ومتانة البرهان، ويفخر على كل كتاب بأنه أخو القرآن فجمعت منها هذه النبذة التي وصلت إلي راجيا أن تعود بركتها علي بعد التوقف من ذلك اعترافا بالقصور عن سلوك تلك المسالك، ثم استخرت الله سبحانه وأقدمت بعد الاحجام مستعينا بالله جل جلاله على الاتمام، وسميته:
الجواهر السنية في الأحاديث القدسية ورتبته أبوابا بحسب ترتيب من خوطب بذلك الكلام من الأنبياء عليهم السلام راجيا من الملك العلام المعونة على اتمام المراد والمرام وأخرت ما لم يدخل تحت عنوان تلك الأبواب، فأفردت له أبوابا في أواخر الكتاب بحسب ترتيب المخبرين به عن الله - جل جلاله - من أئمتنا عليهم السلام، وجمعت الأحاديث القدسية التي وردت في شأن أمير المؤمنين علي والأئمة من ولده عليهم السلام والنص عليهم من الله عز وجل وجعلتها بابين:
أحدهما فيها ورد من طرقنا وكره علمائنا في مصنفاتهم.
صفحه ۴
والآخر فيما ورد من طرق العامة وكتبهم فخرج في البابين ما يروي الغليل ويشفي العليل، ويهدي إلى سواء السبيل.
ولا ريب أن الأحاديث الشريفة القدسية التي ذكرت في هذين البابين واتفق على نقلها كلا الطائفتين وصحت أسانيدها من الطريقتين وانعقد عليها إجماع الفريقين قد تجاوزت بكثرتها حد التواتر المعنوي، وأوجبت لذوي الانصاف العلم اليقيني، وحكمت بالبرهان الصحيح القطعي بوجوب اتباع مذهب، الامامية وأن الحق مع الفرقة الناجية الاثني عشرية، وأن مذهبهم واجب لاتباع، قد انعقد على برهانه الاجماع وارتفع فيه النزاع، وكم قام لهذه الدعوى من دليل قاطع واتضح لها من برهان ساطع.
وحسبك ما اشتمل عليه كتاب الألفين مع تواتر الأحاديث من الجانبين.
والفضل ما شهدت به الأعداء.
وإذا وقفت على ما ورد في هذا المعنى من الأحاديث القدسية علمت بورود أضعاف أضعافه من السنة النبوية مضافا إلى النصوص القرآنية والبراهين العقلية.
والحق جديد وإن طالت عليه الأيام، والباطل مخذول وإن نصره أقوام كما قال أمير المؤمنين عليه السلام وأرجو أن يكون هذا الكتاب فائقا على جميع المصنفات مختصا بالمحاسن التي لا توجد في غيره من المؤلفات إذ تفرد بجلالة الموضوع، وجمع المهم من الأصول والفروع، واشتماله على المواعظ اللطيفة الشافية والوصايا الكافية الوافية، والفوائد العالية الغالية.
صفحه ۵
واشتمل مع ذلك على بيان الفرقة الناجية لتضمنه النصوص الصريحة الظاهرة على إمامة الاثني عشر من العترة الطاهرة ونقلت الأحاديث المودعة فيه من كتب صحيحة معتبرة، وأصول معتمدة محررة، وسأذكر الطرق إلى مؤلفيها في آخر الكتاب وإن كان تواتر هذه الكتب وشهرتها يرفع عنها الشك والارتياب، وإنما نذكر طرقها للتبرك باتصال سلسلة الخطاب، وهو أمر مرغوب فيه عند أولي الألباب، وما نقلته في شأن الأئمة عليهم السلام من كتب العامة تعلم صحته بموافقته لما تواتر من أحاديث الخاصة، والله أسأل أن يثبته لي في صحائف الحسنات إنه قريب مجيب الدعوات.
المؤلف
صفحه ۶
الباب الأول فيما ورد في شأن آدم عليه السلام روى الشيخ الجليل ثقة الاسلام أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني (رض) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعن علي ابن إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني قال سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام يقول: إن الله عز وجل لما أخرج ذرية آدم (ع) من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبية له وبالنبوة لكل نبي، فكان أول من أخذ له عليهم الميثاق بنبوة محمد بن عبد الله (ص) ثم قال إن الله عز وجل قال لآدم: انظر ما ذا ترى فنظر آدم إلى ذريته، وهم ذر قد ملأوا السماء.
قال آدم: يا رب ما أكثر ذريتي ولأمر ما خلقتهم فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم. قال الله جل وعز (يعبدونني لا يشركون بي شيئا ويؤمنون برسلي ويتبعونهم).
قال آدم: يا رب فما لي أرى بعض الذر أعظم من بعض وبعضهم له نور كثير وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور، فقال الله عز وجل (لذلك خلقتهم لأبلوهم في كل حالاتهم).
قال آدم: يا رب أتأذن لي بالكلام فأتكلم. قال الله عز وجل (تكلم فإن روحك من روحي وطبيعتك خلاف كينونتي).
فقال آدم: يا رب فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر
صفحه ۷
واحد وطبيعة واحدة وجبلة واحدة وأرزاق واحدة وأعمار سواء لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تحاسد وتباغض ولا اختلاف في شئ من الأشياء. قال الله عز وجل (يا آدم بروحي نطقت وبضعف طبيعتك تكلفت ما لا علم لك به وأنا الله الخلاق العليم بعلمي خالفت بين خلقي ومشيئتي يمضي فيهم أمري والى تدبيري وتقديري صائرون، لا تبديل لخلقي إنما خلقت الجن والإنس ليعبدوني، وخلقت الجنة لمن عبدني وأطاعني منهم واتبع رسلي ولا أبالي وخلقت النار لمن كفرني وعصاني ولم يتبع رسلي ولا أبالي، وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك واليهم وإنما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم إياكم أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم ولذلك خلقت الدنيا والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار، وكذلك أردت في تدبيري وتقديري وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم، فجعلت منهم الشقي والسعيد والبصير والأعمى والقصير والطويل والجميل والذميم والعالم والجاهل والغني والفقير والمطيع والعاصي والصحيح والسقيم ومن به الزمانة ومن لا عاهة به فينظر الصحيح إلى من به العاهة فيحمدني على عافيته، وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن أعافيه ويصبر على بلائي فأثيبه جزيل عطائي، وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني، وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته، فلذلك خلقتهم لأبلوهم وكلفتهم في
صفحه ۸
السراء والضراء وفيما أعافيهم وفيما ابتليتهم وفيما أعطيهم وفيما أمنعهم. وأنا الله الملك القادر ولي أن امضي جميع ما قدرت على ما دبرت ولي أن أغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت وأقدم من ذلك ما أخرت وأؤخر ما قدمت من ذلك. وأنا الله الفعال لما أريد لا أسأل عما أفعل وأنا أسأل خلقي عما هم فاعلون).
ورواه الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن بابويه في كتاب العلل عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار وعن أبيه عن سعد بن عبد الله جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب مثله.
وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن يوسف بن عمران عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوحى الله عز وجل إلى آدم أني سأجمع لك الخير كله في أربع كلمات، قال يا رب وما هن، قال: واحدة لي وواحدة لك وواحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين الناس، قال: يا رب بينهن لي حتى أعلمهن. قال: أما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا وأما التي لك فأجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه، وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الإجابة، وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك.
ورواه الصدوق في المجالس وفي معاني الأخبار عن أبيه عن علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميداني عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن
صفحه ۹
حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام مثله.
ورواه في كتاب من لا يحضره الفقيه مرسلا.
ورواه الشيخ أبو جعفر أحمد بن أبي عبد الله البرقي في المحاسن كذلك.
وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه فلما انقضت نبوة آدم واستكمل أيامه أوحى الله عز وجل إليه أن يا آدم قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك عند هبة الله فاني لن أقطع العلم والإيمان وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك إلى يوم ا لقيامة، ولن أدع الأرض إلا وفيها عالم يعرف به ديني وتعرف به طاعتي ويكون نجاة لمن يولد فيما بينك وبين نوح وبشر آدم بنوح عليه السلام.
وروى ما أوردته من هذا الحديث أحمد بن أبي عبد الله البرقي مفردا في المحاسن عن أبيه عن محمد بن سفيان عن نعمان الرازي عن أبي عبد الله عليه السلام.
ورواه الصدوق في العلل كما سيأتي.
وعن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن أول كتاب كتب في الأرض فقال إن الله عز وجل عرض على آدم ذريته عرص العين في صور
صفحه ۱۰
انتهى إلى داود عليه السلام فقال من هذا الذي نبيته وكرمته وقصرت عمره فأوحى الله إليه: يا آدم هذا ابنك داود عمره أربعون سنة واني قد كتبت الآجال، وقسمت الأرزاق، واني أمحو ما أشاء وأثبت وعندي أم الكتاب، فإن جعلت له شيئا من عمرك ألحقته له، قال يا رب فاني قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المئة سنة، فقال الله عز وجل لجبرائيل وميكائيل وملك الموت اكتبوا عليه كتابا فإنه سينسى فكتبوا عليه كتابا وختموه بأجنحتهم من طينة عليين فلما حضرته الوفاة أتاه ملك الموت، فقال آدم:
قد بقي من عمري ستون سنة قال: فإنك قد جعلتها لابنك داود، قال ونزل عليه جبرائيل وأخرج الكتاب قال: فمن أجل ذلك إذا أخرج الصك على المديون ذل المديون فقبض روحه.
وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية ابن عمار وجميل بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما طاف آدم بالبيت وانتهى إلى الملتزم قال جبرائيل يا آدم أقر لربك بذنوبك في هذا المكان، قال: فوقف آدم عليه السلام فقال:
يا رب إن لكل عامل أجرا وقد عملت فما أجري، فأوحى الله إليه يا آدم قد غفرت لك ذنبك، قال يا رب ولو لدي أو لذريتي فأوحى الله إليه يا آدم من جاء من ولدك إلى هذا المكان وأقر بذنوبه وتاب كما تبت ثم استغفر غفرت له.
وعنه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن بكير عن أبي عبد الله أو عن أبي جعفر عليهما السلام قال: ان آدم قال يا رب سلطت علي الشيطان وأجريته مني مجرى الدم، فقال:
صفحه ۱۱
يا آدم جعلت لك أن من هم من ذريتك بسيئة لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت عليه، ومن هم بحسنة فان هو لم يعملها كتبت له حسنة، وان عملها كتبت له عشرا، قال يا رب زدني قال جعلت لك أن من عمل منهم سيئة ثم استغفر غفرت له، قال يا رب زدني قال جعلت لهم التوبة أو بسطت لهم التوبة حتى تبلغ النفس هذه.
قال يا رب حسبي.
وروى علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أعطى الله إبليس ما أعطاه من القوة قال آدم يا رب قد سلطت إبليس على ولدي وأجريته مهم مجرى الدم في العروق وأعطيته ما أعطيت فما لي ولولدي، فقال لك ولولدك السيئة بواحدة والحسنة بعشر أمثالها، قال يا رب زدني قال: التوبة مبسوطة حتى تبلغ النفس الحلقوم، قال يا رب زدني قال: أغفر ولا أبالي.
وروى الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ابن بابويه في المجالس وفي كتاب من لا يحضره الفقيه قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله ابن جعفر الحميري، قال حدثنا سعد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن مقاتل بن سليمان عن أبي عبد الله (ع) قال:
قال رسول الله (ص) إن آدم سأل ربه أن يجعل له وصيا صالحا فأوحى الله إليه أني أكرمت الأنبياء بالنوبة ثم اخترت خلقي فجعلت خيارهم الأوصياء، ثم أوحى الله إليه يا آدم أوص إلى شيث فأوصى آدم إلى ابنه شيث، وهو - هبة الله - الحدث وهو
صفحه ۱۲
يشتمل على أسماء الأوصياء وترتيبهم من آدم إلى الرسول، ومنه إلى المهدى عليهم السلام.
ورواه أبو علي الحسن بن محمد الطوسي في مجالسه عن أبيه محمد بن الحسن الطوسي عن الحسين بن عبيد الله الغضايري عن أبي جعفر بن بابويه بالاسناد.
ورواه علي بن محمد الخراز في كتاب الكافية في النصوص على الأئمة عليهم السلام بعدة أسانيد إلا أنه اقتصر على ذكر الأوصياء ولم يذكر الكلام القدسي.
وفى كتاب من لا يحضره الفقيه وفي العلل عن أبيه عن الحميري عن محمد بن عيسى بن عبيد والحسن بن ظريف وعلي بن إسماعيل ابن عيسى كلهم عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) وذكر حديثا أذكر منه موضع الحاجة قال: ان الله خلق آدم ثم ابتدع له حواء، فقال آدم يا رب ما هذا الخلق الحسن الذي آنسني قربه والنظر إليه، فقال يا آدم هذه أمتي حواء أفتحب أن تكون معك فتؤنسك وتحدثك وتكون تبعا لأمرك، فقال: نعم يا رب، ولك علي بذلك الحمد والشكر ما بقيت، فقال الله عز وجل: فاخطبها إلي فإنها أمتي وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة وألقى عليه الشهوة، وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ، فقال يا رب: فاني أخطها إليك فما رضاك لذلك، فقال عز وجل رضاي ان تعلمها معالم ديني، فقال ذلك لك علي يا رب إن شئت ذلك، فقال عز وجل قد شئت ذلك وقد زوجتكها فضمها إليك.
وفي كتاب العلل قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن
صفحه ۱۳
أحمد بن عثمان البروازي قال حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحرث بن سفيان بن السمط السمرقندي قال حدثنا صالح بن سعيد الترمذي قال حدثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب اليماني قال: لما اسجد الله الملائكة لآدم وأبى إبليس أن يسجد قال الله عز وجل (اخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين) ثم قال عز وجل: يا آدم انطلق إلى هؤلاء الملائكة، فقل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فسلم عليهم، فقالوا وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، فلما رجع إلى ربه قال له تبارك وتعالى: هذه تحيتك وتحية ذريتك من بعدك فيما بينهم إلى يوم القيامة.
وعن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد ابن سنان عن نعمان الرازي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما انقضت نبوة آدم وانقطع أكله أوحى الله إليه أن با آدم قد قضيت نبوتك وانقطع أكلك فانظر إلى ما عندك من العلم والايمان وميراث النبوة وإثرة العلم والاسم الأعظم فاجعله في العقب من ذريتك عن هبة الله فاني لن أدع الأرض بغير علم تعرف به طاعتي وديني ويكون نجاة لمن أطاعه.
وقد تقدم رواية هذا المعنى من طريق الكليني وأن البرقي رواه في المحاسن عن محمد بن سفيان عن نعمان الرازي فكان في أحد السندين تصحيفا.
وفي كتاب معاني الأخبار عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله عن ابن أبي نصر
صفحه ۱۴
عن أبان عن عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث أن آدم قال على باب الكعبة فقال: اللهم أقلني عثرتي واغفر ذنبي وأعدني إلى الدار التي أخرجتني منها، فقال الله تعالى قد أقلتك عثرتك وغفرت ذنبك وسأعيدك إلى الدار التي أخرجتك منها.
وروى الشيخ الثقة الجليل أحمد بن أبي عبد الله البرقي في المحاسن عن محمد بن بكر عن زكريا بن محمد عن عامر بن معقل عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام، قال إن آدم شكى إلى ربه حديث النفس، فقال: أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله.
وروى الشيخ العارف رجب الحافظ البرسي (ره) قال: قال رسول الله (ص): قال الله عز وجل يا آدم إني أكرمت الأنبياء بالنبوة وجعلت لهم أوصياء وجعلتهم خير خلقي فاوص إلى ابنك شيث الحديث.
أقول وسيأتي من هذا الباب الأحاديث التي وردت في شأن الأئمة (ع) في بابها انشاء الله تعالى.
صفحه ۱۵
الباب الثاني فيما ورد في شأن نوح عليه السلام محمد بن علي بن الحسين بن بابويه في كتاب كمال الدين وتمام النعمة، قال حدثنا محمد بن علي بن حاتم البرمكي قال حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الشا البغدادي، قال حدثنا أحمد بن طاهر القمي قال حدثنا محمد بن يحيى بن سهل الشيباني قال حدثنا علي بن الحارث عن سعد بن منصور الجواشني، قال أخبرنا أحمد بن علي البديلي قال أخبرني أبي عن سدير الصيرفي عن أبي عبد الله (ع)، وذكر حديثا طويلا في الاخبار عن المهدي وغيبته وما يتضمن الجفر من ذكره وأن فيه شبها من جماعة الأنبياء عليهم السلام كابطاء نوح وغير ذلك يقول فيه أبو عبد الله (ع):
وأما إبطاء نوح فإنه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله عز وجل إليه الروح الأمين جبرائيل عليه السلام، ومعه سبع نوايات فقال يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك: هؤلاء خلائقي وعبادي ولست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة والزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فاني مثيبك عليه، واغرس هذا النوى، فان لك في نباتها وبلوغها وادراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص فبشر بذلك من معك من المؤمنين، فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتشرفت وزهى الثمر عليها بعد زمان طويل استنجز من الله العدة فأمره أن يغرس من نوى
صفحه ۱۶
تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه وأخبر به الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاث مئة رجل، وقالوا: لو كان ما يقوله نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف، ثم أنه لم يزل يأمره كل مرة أن يغرس تارة بعد أخرى إلى أن غرسها سبع مرات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين يرتد منهم طائفة بعد أخرى إلى أن عادوا إلى نيف وسبعين رجلا فأوحى الله - عز وجل - إليه وقال يا نوح: الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك وصرح الحق عن محضه، وصفا الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من ارتد من الطوائف التي قد كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك واعتصموا بفضل نبوتك بأن استخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم، فكيف يمكن الاستخلاف والتمكين وبذل الأمن لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا، وخبث طويتهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وسنوخ الضلالة فلو أنهم يئسوا من الملك الذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا هلكت أعداؤهم ووايح صفائه لاستحكمت مرائر نفاقهم، وتأيدت حبال ضلالة قلوبهم، ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة، وحاربوهم على طلب الرياسة،
صفحه ۱۷
والتفرد بالأمر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الأمن في المؤمنين مع إثارة الفتن وايقاع الحروب كلا (فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا).
وفي المجالس عن أبيه عن سعد عن البرقي عن محمد بن علي الكوفي عن الحسن بن أبي العقبة الصيرفي عن الحسين بن خالد الصيرفي عن الرضا (ع) في حديث، قال: إن نوحا لما ركب السفينة أوحى الله عز وجل إليه أن يا نوح ان خفت الغرق فهللني ألفا ثم سلني النجاة أنجك من الغرق ومن آمن معك.
وفي كتاب العلل قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البروازي، قال حدثنا أبو علي بن محمد بن محمد ابن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي قال حدثنا صالح بن سعيد الترمذي عن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن منبه قال لما هبط نوح من السفينة أوحى الله عز وجل إليه يا نوح اني خلقت خلقي لعبادتي وأمرتهم بطاعتي، فقد عصوني وعبدوا غيري واستوجبوا بذلك غضبي فغرقتهم واني قد جعلت قوسي أمانا لعبادي وبلادي وموثقا مني بيني وبين خلقي يأمنون به إلى يوم القيامة من الغرق، ومن أوفى بعده مني ففرح نوح بذلك وكان القوس فيها سهم ووتر فنزع الله السهم والوتر منها وجعلها أمانا لعباده وبلاده من الغرق.
صفحه ۱۸
أقول المراد بالقوس قوس قزح.
أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن عن عثمان بن عيسى عن فرات بن أحنف قال قال أبو عبد الله عليه السلام: إن نوحا شكى إلى الله الغم فأوحى الله إليه أن كل العنب فإنه يذهب الغم.
محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن القاسم الزيات عن أبان بن عثمان عن موسى بن العلاء عن أبي عبد الله (ع)، قال لما حسر الماء عن عظام الموتى فرأى ذلك نوح (ع) جزع جزعا شديدا واغتم لذلك فأوحى الله عز وجل إليه هذا عملك بنفسك أنت دعوت عليهم، قال يا رب فاني أستغفرك وأتوب إليك فأوحى الله تعالى إليه أن كل العنب الأسود ليذهب بغمك.
ورواه البرقي في المحاسن باسناده المذكور عنه.
وعن محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن الحسين عن محمد ابن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو وعبد الحميد ابن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: عاش نوح الفين وخمسمائة سنة ثم أتاه جبرائيل (ع) فقال: يا نوح قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فانظر الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة التي معك فادفعها إلى ابنك سام فاني لا أترك
صفحه ۱۹
الأرض إلا وفيها عالم تعرف به طاعتي ويعرف به هواي ويكون نجاة فيما بين مقبض النبي ومبعث النبي الآخر ولم أترك الناس بغير حجة لي وداع إلي وهاد إلى سبيلي وعارف بأمري فاني قد قضيت أن أجعل لكل قوما هاديا أهدي به السعداء ويكون حجة لي على الأشقياء الحديث.
وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد ابن الفضل عن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) في حديث قال: إن نوحا (ع) لما انقضت نوبته واستكمل أيامه أوحى الله إليه: يا نوح قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك، فاني لن أقطعها كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين آدم، ولن أدع الأرض إلا وفيها عالم يعرف به ديني وتعرف به طاعتي ويكون نجاة لمن يولد فيما بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر قال وبشر نوح ساما بهود (ع).
الباب الثالث فيما ورد في شأن إبراهيم عليه السلام روى الشيخ أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج، قال حدثني السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي، قال حدثني الشيخ الصدوق أبو
صفحه ۲۰
عبد الله جعفر بن محمد الدويستي، قال حدثني أبو محمد بن أحمد، قال: حدثني الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم المفسر، قال: حدثني أبو أيوب يوسف بن محمد بن زياد وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار عن أبويهما، وكانا من الشيعة الإمامية، قال: حدثنا مولانا الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (ص)، قال في جملة كلام طويل مع أبي جهل: يا أبا جهل أما علمت قصة إبراهيم الخليل لما رفع في الملكوت قوى الله بصره لما رفعه دون السماء حتى أبصر الأرض ومن عليها ظاهرين ومستترين، فرأى رجلا وامرأة على فاحشة، فدعى عليهما فهلكا، ثم رأى آخرين فدعى عليهما فهلكا ثم رأى آخرين فدعا عليهما فهلكا، فأوحى الله إليه يا إبراهيم فهلكا ثم رأى آخرين فدعا عليهما فهلكا، فأوحى أنا الله الغفور الرحيم لا تضرني ذنوب عبادي كما لا تنفعني طاعتهم، ولست أسوسهم بشفاء الغيظ كسياستك فاكفف دعوتك عن عبيدي وأمالي، فأنما أنت عبد نذير لا شريك في المملكة ولا مهيمن علي ولا على عبادي، وعبادي بين خلال ثلاث: اما تابوا إلي - فتبت عليهم وغفرت ذنوبهم وسترت عيوبهم أو كففت عنهم عذابي لعلمي بأنها سيخرج من أصلابهم ذريات مؤمنون فأرفق بالآباء الكافرين وأتأني بالأمهات الكافرات، وأرفع عنهم عذابي ليخرج ذلك
صفحه ۲۱
المؤمن من أصلابهم، فإذا تزايلوا حل - بهم عذابي وحاق بهم بلائي وان لم يكن هذا ولا هذا، فإن الذي أعددته له من عذابي أعظم مما تريده به، فان عذابي لعبادي على حسب جلالي وكبريائي يا إبراهيم فخل - بيني وبين عبادي فاني أرحم بهم منك، وخل بيني وبين عبادي فاني أنا الله الجبار العلام الحكيم أدبرهم بعلمي وانفذ فيهم قضائي وقدري.
محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى وعن علي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخراز عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع)، قال: لما رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض التفت فرأى رجلا يزني فدعى عليه فمات ثم رأى آخر فدعى عليه فمات حتى رأى ثلاثة فدعى عليهم فماتوا، فأوحى الله تعالى إليه يا إبراهيم إن دعوتك مجابة فلا تدع على عبادي فاني لو شئت لم أخلقهم إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف: عبدا يعبدوني لا يشرك بي شيئا، فأثيبه، وعبدا يعبد غيري فان يفوتني، وعبدا يعبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني.
ورواه الصدوق في العلل عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير مثله.
وعن علي عن أبيه وعن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي عن أبي عبد الله (ع) في حديث يذكر فيه قصة إبراهيم وأنه لما خرج
صفحه ۲۲