إي وربي إن شوقي إليك الظمآن إلى برد الشراب وحنيني لك حنين الشيخ إلى زمن الشباب، فما الأبل وقد حنت إلى أعطانها، والغرباء وقد أنت إلى أوطانها بأعظم مني حنينًا ولا أكثر أنينًا.
ولكنّ التفرُّق طالً حتى ... توقّدَ في الضُّلوع له حريقٌ
فكلما تخطر ببالي في أي وقت من الأوقات يمثل لي التذكر منك محاسن ولطائف تجذبني ميلًا إليك وتطربني شغفًا بك واغتباطًا بإخائك فلا عجب أن كان شوقي لرؤيتك عظيمًا لأنه كما قيل (كم كرم الرجل حنينه إلى أوطانه وشوقه إلى إخوانه) .
يا خلاصَ الأسيرِ يا حصّة المّد ... نف يا زورة على غيرِ وعدِ
يا نجاةَ الغريقِ يا فرحةَ الأو ... بة ياقفلة أتتْ بعد بعدِ
ارضَ عنّي فدتكَ نفسيَ أنّي ... لك عبدٌ أذلُّ من كلّ عبدِ
ناشدتك الله أن ترفق بحالي وتعيد وصالي وارع الود القديم وأبدل شقاء محبك بالنعيم واغمد سيف ظلمك المسلوى (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا) [الإسراء: ٣٤] .
الفصل الثاني في التعارف قبل اللقاء
"كتب أبو منصور التيسابوري المتوفي سنة ٤٢٩هـ؟"
نحن في الظاهر على افتراق وفي الباطن على تلاق نحن نتناجى بالضمائر ونتخاطب بالسرائر إذا حصل القرب بالإخلاص لم يضر البعد بالأشخاص أنا أناجيك بخواطر قلبي وإن كان قد غاب شخصك عني إن أخطأتك يدي بالمكاتبة ناجاك سري بالمواصلة رب غائب بشخصه حاضر
1 / 57