وأبت عزيمة أخينا الباحث الصبور محمد بن صالح بوكراع إلا إحياء هذا الجهد العلمي بإخراجه للناس في حلة قشيبة، أضفى عليه لمسات جعلته في متناول أيدي الدارسين، وقدم لنا بذلك دستورا وجيزا لحقائق أساسية في علوم الشريعة، يمكن وصفها بأنها موجز في الثقافة الإسلامية، لما احتوى عليه هذا السفر النفيس على ضآلة حجمه تعاريف وأحكام وحقائق علمية منوعة، تنم عن موسوعية الشيخ عمي سعيد، وسعة أفقه العلمي، إذ لم ينحصر في علوم الشريعة، من التفسير والحديث والفقه وأصول الدين، بل شفع معارفه بالإطلاع على علوم المنطق والكلام، وقواعد اللغة والبلاغة، والرياضيات وخواص الأعداد، إلى الفلك وظواهر الكسوف والخسوف، وضبط حساب السنين، إلى نبذ عن التاريخ وطبائع الأشياء، وكان الشيخ في أجوبته معلما نابها وعالما ضليعا، يمد السائل بما يغني المحتاج، ولا يعنته بخلاف أهل الحجاج، حتى يستفيد علما نافعا، يترجمه إلى سلوك عملي، وتلك غاية العلم مبدأ ومآلا، وإن غفل عنه أكثر الناس فشغلوا بالجدل، وقضوا فيه أعمارا، وأموالا.
وإذ نذكر أخانا محمدا وما أنفق من نفيس العمر، ونقدر ما بذل من خالص الجهد لتحقيق هذا الكتاب، فلا يسعنا إلا أن نضرع إلى المولى الكريم، أن يجعل ما حواه هذا الكتاب معالم هادية للباحثين، وزادا طيبا للدارسين.
وأن يثيب الشيخ المجيب، وأخانا الأريب، عن العلم وأهله خير الجزاء ، في دار الكرامة لا يمسهم فيها نصب ولا يمسهم فيها لغوب، إنه سميع مجيب.
د/مصطفى بن صالح باجو
مسقط- العاشر من رمضان 1426ه
مقدمة التحقيق
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى، ونصلي ونسلم على الرحمة المهداة والنعمة المسداة رسول رب العالمين، وسيد الخلق أجمعين نبيئنا محمد وآله وصحبه الميامين، وتابعيهم على الحق إلى يوم الدين وبعد:
صفحه ۲