والأول لا يخلو إما أن يكون الدليل: ظني أو علمي، إن كان الدليل ظني فهو محل النزاع، فكيف يصح الاحتجاج به علينا؛ ونحن ننفيه؟! ودليلنا قائم على بطلانه! وإن كان الدليل علمي فما قضى بصحته الدليل المعلوم كان معلوما، وخرج بذلك من دائرة الظن إلى دائرة العلم، وإلا انتقض الاستدلال بالمعلوم، ألا ترى أن دليل العمل بالشهادة معلوم! وهو قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم...}[البقرة:282] الآية ونحوها، وذلك يقضي بصحتها قطعا، ويخرجها من دائرة الظن إلى دائرة العلم في الظاهر، وكذلك أدلة الأحكام لا تصح عندنا إلا إذا قضى بصحتها الدليل المعلوم، وأخرجها من حيز الظن إلى حيز العلم؛ لئلا نقول على الله ما لا نعلم.
وأما التفصيلي: فخبر عبدالرحمن لم يكن متحدا بروايته؛ لأنا قد روينا بالإسناد الموثوق به إلى علي عليه السلام أنه قال: (لا يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف، وأما مشركوا العجم فتؤخذ منهم الجزية)، والمجوس من مشركي العجم.
وروينا عن النبي صلى الله عليه وآله: ((أنه قبل الجزية، من مجوس هجر))؛ ولأن خبر عبدالرحمن ليس فيه أن الصحابة لم يعرفوا ذلك كلهم إلا من جهته.
صفحه ۲۵