وهذا رحمك الله مثل ضربه الله لهم، مما تعرفه العرب وتمثل به. وذلك أن العرب تقول لمالك الشيء: هو في يده، وهو في يمينه، وهي تريد بذلك تأكيد الملك له؛ لأن كل ما كان في يد المالك فهو أقدر ما يكون عليه. (واليد في كلام العرب هي الملك)(1) .
ألا تسمع كيف يقول العرب: بلاد كذا وكذا في يد فلان، قرية كذا وكذا في يد فلان.
وتقول العرب: بنو فلان في يد فلان، يريدون في طاعته وملكه؛ لا بين أصابعه ولا في كفه، فأرادوا بذلك الملك، ونفاذ الأمر فيهم، لا القبض بالأصابع والضم لها عليهم(2).
فأخبر الله تبارك وتعالى أن مقدرته على ما ذكر من السماوات المطويات، فوق مقدرتهم على ما هو في ملكهم.
(فأما قوله: {مطويات بيمينه}[الزمر: 67] فإخبار منه لهم أن السماوات مطويات في ملكه) (3)، متصرفات في أمره، مجموعات في حكمه، كما يجمع الشيء المطوي جامعه، ويحوزه ويضم عليه طاويه.
فمثل لهم أمر نفاذ حكمه في السموات وقدرته عليهم؛ بما يعرفون من مقدرتهم على ما يطوونه وينشرونه؛ من كتب أو صحف، أو غير ذلك من المطويات المملوكات.
فهذا ما عنه سألت من قول الله سبحانه في السموات إنهن مطويات.
[الفرق بين الاسم والمسمى]
وسألت عن الفرق بين الاسم والمسمى.
والفرق بينهما، بقاء الاسم، وفناء المسمى، وتناسخ الاسم(4)، واشتراك المسمين(5) فيه. فلما أن رأينا الاسم الواحد ينتقل في المسمين؛ علمنا أن الاسم غير المسمى، وأنه دلالة على المسمى وعلامة له، ليست به ولا هو بها.
ومن الدليل على ذلك أنك تسمي بالاسم مسمى؛ ثم يموت المسمى فيبلى؛ والاسم باق لم يفن. ولو كان الاسم هو المسمى؛ لعدم بعدم الجسم ولزال ولتغير بتغيره، ولما أمكن بأن يكون لغيره.
صفحه ۷۲۱