وهو مشهور عند العلماء، وفي هذا ما يبين أن هذا المعترض اتبع قول جَهْم وشيعته، وترك ما عليه رسول الله ﷺ وأهل بيته وأصحابه.
ومن العجب أنه يدعي أن الإمام أحمد هو إمام الشيعة عند الحقيقة، وقد خالف مذهبه في هذه المسألة وغيرها من مسائل أصول الدين، فكيف بمسائل الفروع؟
وأعجب من هذا قوله: إن رواية هذا الحديث –أعني حديث الرؤية وما شابهه- تكييف وعماء وضلال، فإذا كان موسى –﵇ قال لربه:؟ ﴿أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾ ١ أفيسأل موسى –﵇ ما هو تكييف وتجسيم وعماء وضلال؟ ويكون موسى ﵇ لا يعرف ما يجوز على الله وما يمتنع عليه، ويعرف ذلك جهم وشيعته؟! فلا إله إلا الله ما أقبح هذا الجهل وأبعده عن السداد والصواب عند أولي الألباب!!
وقد صرح بعض شياطين هؤلاء المبتدعة الضلال بأن عيسى ﵇ شبه حيث قال:
﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ ٢، وكذلك موسى ﵇ حيث قال: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾ ٣.
وكذلك جهم، ذكر البخاري ﵀ في كتاب خلق أفعال العباد بسنده أن جهما قرأ في المصحف، فلما أتى على هذه الآية ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ ٤ قال: "والله لو قدرت لحككتها من المصحف".
وذكر أبو الحجَّاج المِزِّي في (كتاب تهذيب الكمال في معرفة الرجال) أن عَمْرو بن عُبَيدٍ شيخ القَدَرِيَّة قال في حديث الصادق المصدوق، المخرج في الصحيحين وغيرهما، من كتب الإسلام عن عبد الله بن مسعود قال: "حدثنا رسول الله ﷺ وهو الصادق المصدوق: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة"٥ إلخ، فقال: لو سمعت الأَعْمَشَ يقول هذا لقلت له: كذبت، ولو سمعت زَيْد بن وَهْبٍ يقول ذلك لقلت له: كذبت، ولو سمعت ابن مَسعُودٍ يقول ذلك ما قبلته، ولو سمعت رسول الله ﷺ يقول ذلك لرددته، ولو سمعت الله يقول ذلك لقلت: ليس على هذا أخذت ميثاقنا أو كلاما هذا معناه..
فنسأل الله العظيم المنَّان أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة، إنَّه الوهَّاب.
_________
١ سورة الأعراف آية: ١٤٣.
٢ سورة المائدة آية: ١١٦.
٣ سورة الأعراف آية: ١٤٣.
٤ سورة طه آية: ٥.
٥ البخاري: بدء الخلق (٣٢٠٨) وأحاديث الأنبياء (٣٣٣٢) والقدر (٦٥٩٤) والتوحيد (٧٤٥٤)، ومسلم: القدر (٢٦٤٣)، والترمذي: القدر (٢١٣٧)، وأبو داود: السنة (٤٧٠٨)، وابن ماجه: المقدمة (٧٦)، وأحمد (١/٣٨٢،١/٤١٤،١/٤٣٠) .
1 / 116