قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: وماذا تريد أن أفسر لك! إنه الصراع بين الحرية التي تريد أن يكون جنودها أبطالا، والمنفعة التي تريد أن يكون جنودها أرقاء.
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: ومن أجل ذلك قل أبطال الحرية وكثر طلاب المنفعة؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: هو ذاك!
رسالة
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: ألا تنبئني عن كلمة «الرسالة» هذه التي يلوكها كل إنسان حين يريد أن يعبر عن المهمة؛ فللكاتب رسالة، وللشاعر رسالة، وللعالم رسالة، ولصاحب السياسة رسالة أيضا، وما أعرف أن اللغة تؤدي بكلمة «الرسالة» هذا المعنى الجديد؟!
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: هذه كلمة أذاعها في لغتنا الحديثة مزاج من الجهل والغرور: الجهل باللغة العربية، والغرور الذي يخيل إلى كل إنسان أنه نبي قد أرسله الله برسالة يعلم بها الناس شيئا، أو يحدث بها في الناس حدثا. وإذا اجتمع الجهل والغرور على أمة، دفعاها إلى أكثر من الخطأ اللغوي واستعمال الألفاظ في غير مواضعها.
جحود
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: إني أقرأ في شعر «كاتول» اللاتيني «لا تعمل خيرا، ولا تنتظر شكرا؛ فقد عم الجحود وأصبح الإحسان هباء! ماذا أقول! بل أصبح ثقلا ومصدرا للضغينة. لقد بلوت هذه التجربة المرة حين رأيت أشد الناس حقدا علي وبغضا لي من كان يراني منذ حين مصدر نعمته وحاميه الوحيد.»
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: لم تتغير أخلاق الناس منذ قال شاعرك اللاتيني هذا الشعر، ولكنه صاحب عاجلة لم يكن ينتظر من الآجلة شيئا، أما نحن فقد أدبنا الله أدبا آخر، واقرأ إن شئت قوله عز وجل:
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .
صفحه نامشخص