** مولد النبي الكريم وبعثته
في أخريات القرن السادس من ميلاد المسيح عليه السلام كانت الارض ثؤرة فساد وضلالة ؛ وحمأة طيش وجهالة ؛ من بغى عدوان وعبادة أوثان وحروب طاحنة ؛ وأحقاد ملتهبة وغارات متواصلة ، ليس في ظلمتها المتراكم بعضها على بعض بصيص من نور هدى ولابارقة أمل في سداد.
لاجرم أن الانسانية بروحها الطاهرة ونفسها المجردة عن سلطان الهوى والشهوات كانت تعج وتضج الى بارئها أن يبربها ويبرئها ويعطف عليها فيبعث لها من يبلسم (2) جراحها ، ويصف بها صلاحها ويدلها على سعادتها الدائمة وحياتها الخالدة ؛ ويحكم فيها سلطان العدل والعقل فيصلح الفاسد من كل نواحيها ، ولاريب أن الرب جل شأنه ما خلق الانسانية ليرمى بها في تيار من الشقاء تتقاذف بها أمواجه ، وتترامى بها أعاصيره طول الابد ، بل خلقها للنعيم والسعادة ، وللهناء والرحمة ونعمة الخلود في الابدية هنالك حيث الحرة (3) السوداء والجبال الجرداء والحجارة الخشناء والعرصات القاحلة والرمال الملتهبة ، هناك حيث لازرع ولاضلوع ولاشجراء ولانضراء ، هناك بين أطواد تهامة وجبال فاران وربوات حوريث وساعير ، هناك من جوامع الجبروت وصوامع الملكوت
صفحه ۱۵