والعقاب من الشوائب، فوجب على الله تعالى أن يعفو عنه ويتجاوز عن جرمه وجريرته ولا يأمر به إلى النار.
ويدل على تلك الجملة قول سيد العابدين وفخر الساجدين في دعاء أبي حمزة الثمالي: " ولئن أدخلتني النار لأخبرن أهل النار بحبي إياك... وساق الكلام (عليه السلام) إلى أن قال: إلهي إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك، وإن أدخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيك، وأنا والله أعلم أن سرور نبيك أحب إليك من سرور عدوك... " الدعاء.
وفيهما إيماء إلى أن المؤمن المستقر الإيمان لا يؤمر به إلى النار الكبرى، وهو المصرح به في قول الصادق (عليه السلام): " والله لا يموت عبد يحب الله ورسوله والأئمة فتمسه النار " (1).
وعليه فلا بد: إما من حمل المحبة على المحبة الصادقة الكافة عن ارتكاب ما يوجب النار، أو من تخصيص الآيات والروايات الدالة على عذاب صاحب الكبيرة بالعذاب البرزخي كما يصرح به رواية عمرو بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال: قلت له: إني سمعتك وأنت تقول: كل شيعتنا في الجنة على ما كان فيهم، قال:
صدقتك كلهم والله في الجنة، قال: قلت: جعلت فداك إن الذنوب كثيرة كبائر، فقال:
وأما في القيامة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع أو وصي النبي، ولكني أتخوف عليكم في البرزخ ، قلت: وما البرزخ؟ قال: القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة " (2).
ولكن ما في مجمع البيان عن العياشي بإسناده عن محمد بن النعمان الأحول عن حمران بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) " قال: إن الكفار والمشركين يعيرون أهل التوحيد في النار ويقولون: ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا، وما نحن وأنتم إلا سواء، قال: فيأنف لهم الرب تعالى فيقول للملائكة: اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله، ثم يقول للنبيين: اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله، ويقول الله: أنا أرحم الراحمين
صفحه ۷۹